الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأعظم من ذلك كله ما روى أبو حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث واليا على صدقات الأزد فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض ما معه وقال : هذا لكم ، وهذا لي هدية ، فقال عليه السلام : ألا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ، ثم قال ما لي : أستعمل الرجل منكم فيقول هذا : لكم وهذا لي ، هدية ألا جلس في بيت أمه ليهدى له ، والذي نفسي بيده لا يأخذ منكم أحد شيئا بغير حقه إلا أتى الله يحمله ، فلا يأتين أحدكم يوم القيامة ببعير له رغاء أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ، ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال : اللهم هل بلغت .

التالي السابق


(وأعظم من ذلك كله ما رواه أبو حميد الساعدي) الأنصاري المدني الصحابي قيل: اسمه عبد الرحمن ، وقيل: المنذر بن سعد بن المنذر ، وقيل: المنذر بن سعد بن مالك ، وقيل: المنذر بن سعد بن عمرو بن سعد بن المنذر بن سعد بن خالد بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة ، يقال: إنه عمل لسهل بن سعد الساعدي قال الواقدي : توفي في آخر خلافة معاوية ، أو أول خلافة يزيد ، روى له الجماعة، روى عنه حفيده سعد بن المنذر وجابر بن عبد الله ، وعمر بن سليم الزرقي وآخرون (أنه صلى الله عليه وسلم بعث واليا) ، وهو عبد الله بن اللتبية (إلى صدقات الأزد ) حي من اليمن ، يقال أزد شنوأة ، وأزد السراة ، وأزد عمان ، (فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض ما معه، فقال: هذا مالكم، وهذا إلي هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا، ثم قال: ما لي أستعمل الرجل منكم فيقول: هذه لكم، وهذه هدية لي ألا جلس في بيت أمه فيهدى له، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا أتي به يحمله، فلا يأتين أحدكم يوم القيامة ببعير له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه، وقال: اللهم هل بلغت) ، أخبرنا عمر بن أحمد بن عقيل ، أخبرنا عبد الله بن سالم ، أخبرنا محمد بن العلاء الحافظ أخبرنا سالم بن محمد ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي ، أخبرنا أبو يحيى الأنصاري ، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني ، أخبرنا إبراهيم بن أحمد التنوخي ، أخبرنا أحمد بن أبي طالب ، أخبرنا ابن الزبيدي ، أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا الداودي ، أخبرنا الحموي ، أخبرنا الفربري ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: باب هدايا العمال ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن الزهري أنه سمع عروة قال: أخبرنا أبو حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر .

قال سفيان أيضا: فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال العامل نبعثه [ ص: 164 ] فيأتي يقول: هذا لكم، وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ألا هل بلغت ثلاثا
هذا الحديث متفق عليه، وبوب البخاري عليه في موضع آخر باب محاسبة الإمام عماله، وفيه: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك فتأتيك هديتك إن كنت صادقا ، وفيه: فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئا بغير حقه إلا جاء الله يحمله يوم القيامة ، وكلا البابين في البخاري في كتاب الأحكام، وذكره مرة ثالثة في كتاب الهبة، كما تقدمت الإشارة إليه .




الخدمات العلمية