فهذه دقائق الورع عند سالكي طريق الآخرة .
والتحقيق فيه أن الورع له أول ، وهو الامتناع عما حرمته الفتوى ، وهو ورع العدول مما أخذ بشهوة أو توصل إليه بمكروه ، أو اتصل بسببه مكروه وبينهما درجات في الاحتياط فكلما كان العبد أشد تشديدا على نفسه كان أخف ظهرا يوم القيامة وأسرع جوازا على الصراط ، وأبعد عن أن تترجح كفة سيئاته على كفة حسناته ، وتتفاوت المنازل في الآخرة بحسب تفاوت هذه الدرجات في الورع ، كما تتفاوت درجات النار في حق الظلمة بحسب تفاوت درجات الحرام في الخبث وإذا علمت حقيقة الأمر فإليك الخيار فإن شئت فاستكثر من الاحتياط ، وإن شئت فرخص فلنفسك تحتاط ، وعلى نفسك ترخص والسلام . وله غاية وهو ورع الصديقين ، وذلك هو الامتناع من كل ما ليس لله