الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذا الحيوانات المغصوبة أكثرها يؤكل ولا يقتنى للتوالد ، فكيف يقال : إن فروع الحرام أكثر ولم تزل أصول الحلال أكثر من أصول الحرام وليتفهم المسترشد من هذا طريق معرفة الأكثر فإنه مزلة قدم وأكثر العلماء يغلطون فيه فكيف العوام هذا في المتولدات من الحيوانات والحبوب ، فأما المعادن فإنها مخلاة مسبلة يأخذها في بلاد الترك وغيرها من شاء ولكن قد يأخذ السلاطين بعضها منهم أو يأخذون ، الأقل لا محالة لا الأكثر ومن حاز من السلاطين معدنا فظلمه يمنع الناس منه فأما ما يأخذه الآخذ منه ، فيأخذه من السلطان بأجرة والصحيح أنه يجوز الاستنابة في إثبات اليد على المباحات والاستئجار عليها ، فالمستأجر على الاستقاء إذا حاز الماء دخل في ملك المستقي له ، واستحق الأجرة فكذلك ، النيل فإذا فرعنا على هذا لم تحرم عين الذهب إلا أن يقدر ظلمه بنقصان أجرة العمل ، وذلك قليل بالإضافة ، ثم لا يوجب تحريم عين الذهب ، بل يكون ظالما ببقاء الأجرة في ذمته وأما دار الضرب فليس الذهب الخارج منها من أعيان ذهب السلطان الذي غصبه وظلم به الناس بل التجار يحملون إليهم الذهب المسبوك أو النقد الرديء ويستأجرونهم على السبك والضرب ويأخذون مثل وزن ما سلموه إليهم إلا شيئا قليلا يتركونه أجرة لهم على العمل وذلك جائز .

التالي السابق


(وكذلك الحيوانات أكثرها يؤكل ) ، فيضمحل، (ولا يقتنى للتوالد، فكيف يقال: إن فروع الحرام أكثر ولم تزل أصول الحلال أكثر من أصول الحرام ، فليفهم المسترشد) ، أي: طالب الرشد (من هذا) الذي فصلناه (طريق معرفة الأكثر) والكثير (فإنه مزلة قدم) ، أي: لصعوبته لا تثبت فيه الأقدام (وأكثر العلماء يغلطون فيه فكيف العوام) من الناس .

(هذا في المستولدات من الحبوب والحيوانات، فأما المعادن فإنها مخلاة) ، أي: مباحة متروكة (يأخذها من بلاد الترك) والإفرنج، (وغيرها من شاء) من غير حرج، (ولكن قد تأخذ السلاطين بعضها منهم، ويأخذون الأقل لا محالة لا الأكثر) ، وربما أخذوا منهم كلها، (ومن حاز من السلاطين معدنا) من المعادن (فظلمه يمنع الناس عنه) ، ولا يحومون حماه، (وأما ما يأخذه الآخذ منه، فيأخذه للسلطان بأجرة) معلومة. (والصحيح أنه لا يجوز الاستنابة في إثبات اليد على المباحات ) الشرعية (والاستئجار عليها، فالمستأجر على الاستيقاء إذا حاز الماء دخل في ملك المستقي له، واستحق الأجرة، وكذلك النيل) ، أي: إصابة المعدن، (فإذا فرعنا على هذا لم يحرم عين الذهب) المستخرج من المعدن، (إلا أن نقدر ظلمه بنقصان أجرة العمل، وذلك قليل بالإضافة، ثم لا نوجب تحريم عين الذهب، بل يكون ظالما ببقاء الأجرة في ذمته) ، وهذا لا علاقة له بتحريم عين الذهب، (وأما دار الضرب فليس الذهب الخارج منها من أعيان ذهب السلطان الذي غصبه) من الناس، (وظلم به الناس بل التجار) من سائر الأصناف، (يحملون إليها الذهب المسبوك والنقد الرديء) وكسارات الذهب والحلي المصنوع منه، (ويستأجرونهم على السبيك والضرب) ، والنقش والجلاء، وغير ذلك من الأعمال حتى أن الدينار الواحد يدور على يد اثني عشر صانعا، وكل منهم بعمل مستقل، (ويأخذون مثل وزن ما سلموه الأشياء قليلا يتركونه أجرة لهم) تحت صنائعهم المختلفة، (وذلك جائز) شرعا إلا ما ورد النهي عن كسر السكة الجائزة بين المسلمين للإلباس به كما تقدم .




الخدمات العلمية