وهو إما أن يكون لتعارض أدلة الشرع أو لتعارض العلامات الدالة ، أو لتعارض التشابه .
القسم الأول أن تتعارض أدلة الشرع مثل تعارض عمومين من القرآن أو السنة أو تعارض قياسين أو تعارض قياس وعموم .
وكل ذلك يورث الشك ويرجع فيه إلى الاستصحاب أو الأصل المعلوم قبله إن لم يكن ترجيح فإن ظهر ترجيح في جانب الحظر وجب الأخذ به وإن ظهر في جانب الحل جاز الأخذ به ولكن الورع تركه .
واتقاء مواضع الخلاف مهم في الورع في حق المفتي والمقلد وإن كان المقلد يجوز له أن يأخذ بما أفتى له مقلده الذي يظن أنه أفضل علماء بلده ويعرف ذلك بالتسامع كما يعرف أفضل أطباء البلد بالتسامع والقرائن وإن كان لا يحسن الطب .
وليس للمستفتي أن ينتقد من المذاهب أوسعها عليه بل عليه أن يبحث حتى يغلب على ظنه الأفضل ثم يتبعه فلا يخالفه أصلا نعم ، إن أفتى له إمامه بشيء ولإمامه فيه مخالف ، فالفرار من الخلاف إلى الإجماع من الورع المؤكد وكذا المجتهد إذا تعارضت عنده الأدلة ورجح جانب الحل بحدس وتخمين وظن ، فالورع له الاجتناب .
فلقد كان المفتون يفتون بحل أشياء لا يقدمون عليها قط تورعا منها وحذرا من الشبهة فيها .


