وأما الأثر فإن  ابن مسعود  رضي الله عنه اشترى جارية فلم يظفر بمالكها لينقده الثمن فطلبه كثيرا فلم يجده فتصدق بالثمن ، وقال : اللهم هذا عنه إن رضي وإلا فالأجر لي . 
وسئل الحسن رضي الله عنه عن توبة الغال  وما يؤخذ منه بعد تفرق الجيش فقال : يتصدق به . 
وروي أن رجلا سولت له نفسه فغل مائة دينار من الغنيمة ثم أتى أميره ليردها عليه فأبى أن يقبضها وقال له : تفرق الناس فأتى  معاوية  فأبى أن يقبض فأتى بعض النساك ، فقال ادفع خمسها : إلى  معاوية  وتصدق بما يبقى فبلغ  معاوية  قوله : فتلهف إذا لم يخطر له ذلك وقد ذهب  أحمد بن حنبل  والحارس المحاسبي  وجماعة من الورعين إلى ذلك . 
وأما القياس فهو أن يقال : إن هذا المال مردد بين أن يضيع وبين أن يصرف إلى خير إذ قد وقع اليأس من مالكه وبالضرورة يعلم أن صرفه إلى خير أولى من إلقائه في البحر ، فإنا إن رميناه في البحر ، فقد فوتناه على أنفسنا وعلى المالك ، ولم تحصل منه فائدة ، وإذا رميناه في يد فقير يدعو لمالكه حصل للمالك بركة دعائه ، وحصل للفقير سد حاجته وحصول الأجر للمالك بغير اختياره في التصدق لا ينبغي أن ينكر ، فإن في الخبر الصحيح إن للزارع والغارس أجرا في كل ما يصيبه الناس والطيور من ثماره وزرعه . 
وذلك بغير اختياره . 
     	
		
				
						
						
