الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

الحرام : الذي في يده لو تصدق به على الفقراء ، فله يوسع عليهم وإذا أنفق على نفسه فليضيق ما قدر وما أنفق على عياله فليقتصد وليكن وسطا بين التوسيع والتضييق فيكون الأمر على ثلاث مراتب فإن أنفق على ضيف قدم عليه وهو فقير فليوسع عليه وإن كان غنيا فلا يطعمه إلا إذا كان في برية أو قدم ليلا ولم يجد شيئا فإنه في ذلك الوقت فقير وإن كان الفقير الذي حضر ضيفا تقيا لو علم ذلك لتورع عنه فليعرض الطعام وليخبره جمعا بين حق الضيافة وترك الخداع فلا ينبغي أن يكرم أخاه بما يكره ، ولا ينبغي أن يعول على أنه لا يدري فلا يضره فإن ; الحرام إذا حصل في المعدة أثر في قساوة القلب ، وإن لم يعرفه صاحبه ولذلك تقيأ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وكانا قد شربا على جهل وهذا وإن أفتينا بأنه حلال للفقراء أحللناه بحكم الحاجة إليه فهو كالخنزير والخمر إذا أحللناهما بالضرورة فلا يلتحق بالطيبات .

التالي السابق


(مسألة: لو تصدق بالحرام الذي في يده على الفقراء ، فله أن يوسع عليهم) أي: يعطيهم كثيرا، (وإذا أنفق على نفسه) خاصة، (فليضيق ما قدر) عليه، (وإذا أنفق على عياله) ومن يمونهم، (فليقتصد وليكن وسيطا بين التوسع والتضيق) ، وهو الاقتصاد، (فيكون الأمر على ثلاث مراتب) ; التوسع والتضيق والاقتصاد، (وإذا أنفق على ضيف قدم عليه وهو فقير) الحال (فليوسع عليه) في ضيافته، (وإن كان غنيا فلا يطعمه) لعدم استحقاقه، (إلا إذا كان في برية) ، فإن الغالب أن في مثل هذه المواضع لا يجد ما يأكله، (أو قدم ليلا) من موضع بعيد (ولم يجد شيئا فإنه في ذلك الوقت فقير) ، فشمله حكم الفقراء، (وإن كان الفقير هو الذي حضر دينا تقيا) ورعا، (ولو علم ذلك لتورع عنه) أي: كف عن تناوله استبراء لدينه، (فليعرض الطعام عليه وليخبره) عن أصله، (جمعا بين حق الضيافة وترك الخداع) ; لأنه كلاهما واجبان، (فلا ينبغي أن يكرم أخاه بما يكره، ولا ينبغي أن يعول) أي: يعتمد (على أنه لا يدري) أي: مجهول عنده، (فلا يضره; لأن الحرام إذا حصل في المعدة) واستقر بها (أثر في قساوة القلب، وإن لم يعرف به آكله) صرح بذلك غير واحد من العارفين، (ولذلك تقيأ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما) ما شرباه من اللبن، (وكانا قد شربا على جهل) أي: عدم علم بأصله، فلما أعلما بذلك استفرغاه، (وهذا وإن أفتينا) بموجب فتيا الظاهر (بأنه حلال للفقير أحللناه بحكم الحاجة) الضرورية، (فهو كالخنزير والخمر) ، وأشباههما في الحرمة والنجاسة، (إذا حللناهما بالضرورة فلا يلحق بالطيبات) ، وكان أحمد بن حنبل لا يرى التداوي بالخمر ، وإن دعته ضرورة كما نقله عن صاحب القوت .




الخدمات العلمية