والقضاء في أقطار الأرض ولاية نافذة الأحكام .
وتحقيق هذا قد ذكرناه في أحكام الإمامة من كتاب الاقتصاد في الاعتقاد فلسنا نطول الآن به .
وأما الإشكال الآخر وهو أن السلطان إذا لم يعمم بالعطاء كل مستحق فهل يجوز للواحد أن يأخذ منه ، فهذا مما اختلف العلماء فيه على أربع مراتب ، فغلا بعضهم .
وقال : كل ما يأخذه فالمسلمون كلهم فيه شركاء ولا يدري أن حصته منه دانق أو حبة فليترك الكل وقال قوم : له أن يأخذ قدر قوت يومه فقط فإن هذا القدر يستحقه لحاجته على المسلمين ، وقال قوم : له قوت سنة فإن أخذ الكفاية كل يوم عسير وهو ذو حق في هذا المال ، فكيف يتركه وقال قوم وقال قوم : إنه يأخذ ما يعطى ، والمظلوم هم الباقون .
وهذا هو القياس ; لأن المال ليس مشتركا بين المسلمين كالغنيمة بين الغانمين ، ولا كالميراث بين الورثة ; لأن ذلك صار ملكا لهم .
وهذا لو لم يتفق قسمه حتى مات هؤلاء لم يجب التوزيع على ورثتهم بحكم الميراث .
بل هذا الحق غير متعين ، وإنما يتعين بالقبض .
بل هو كالصدقات ومهما أعطي الفقراء حصتهم من الصدقات وقع ذلك ملكا لهم ولم يمتنع بظلم المالك بقية الأصناف بمنع حقهم هذا إذا لم يصرف إليه كل المال ، بل صرف إليه من المال ما لو صرف إليه بطريق الإيثار والتفضيل مع تعميم الآخرين لجاز له أن يأخذه والتفضيل جائز في العطاء .
سوى أبو بكر رضي الله عنه فراجعه عمر رضي الله عنه فقال إنما فضلهم عند الله وإنما الدنيا بلاغ .
وفضل عمر رضي الله عنه في زمانه فأعطى عائشة اثني عشر ألفا وزينب عشرة آلاف وجويرية ستة آلاف ، وكذا صفية .
وأقطع عمر لعلي خاصة رضي الله عنهما .
وأقطع عثمان أيضا من السواد خمس جنات .


