فإن قلت فبماذا : يمكن
nindex.php?page=treesubj&link=18804إظهار البغض ؟ فأقول : أما في القول فبكف اللسان عن مكالمته ومحادثته مرة وبالاستخفاف والتغليظ في القول أخرى .
وأما في الفعل فبقطع السعي في إعانته مرة وبالسعي في إساءته وإفساده مآربه أخرى .
وبعض هذا أشد من بعض وهي ، بحسب درجات الفسق والمعصية الصادرة منه .
، أما ما يجري مجرى الهفوة التي يعلم أنه متندم عليها ولا يصر عليها فالأولى فيه الستر والإغماض .
أما ما أصر عليه من صغيرة أو كبيرة ، فإن كان ممن تأكدت بينك وبينه مودة وصحبة وأخوة فله حكم آخر وسيأتي وفيه خلاف بين العلماء وأما إذا لم تتأكد أخوة وصحبة فلا بد من إظهار أثر البغض إما في الإعراض والتباعد عنه وقلة الالتفات إليه وإما في الاستخفاف وتغليظ القول عليه .
وهذا أشد من الإعراض وهو بحسب غلظ المعصية وخفتها وكذلك في الفعل أيضا رتبتان إحداهما قطع المعونة والرفق والنصرة عنه وهو أقل الدرجات والأخرى السعي في إفساد أغراضه عليه كفعل الأعداء المبغضين ، وهذا لا بد منه ، ولكن فيما يفسد عليه طريق المعصية .
أما ما لا ؛ يؤثر فيه ، فلا مثاله رجل عصى الله بشرب الخمر وقد خطب امرأة لو تيسر له نكاحها لكان مغبوطا بها بالمال والجمال والجاه إلا أن ذلك لا يؤثر في منعه من شرب الخمر ولا في بعث وتحريض عليه ، فإذا قدرت على إعانته ليتم له غرضه ومقصوده وقدرت على تشويشه ليفوته غرضه فليس لك السعي في تشويشه .
أما ، الإعانة فلو تركتها إظهارا للغضب عليه في فسقه فلا بأس وليس يجب تركها ؛ إذ ربما يكون لك نية في أن تتلطف بإعانته وإظهار الشفقة عليه ليعتقد مودتك ويقبل نصحك ؛ فهذا حسن ، وإن لم يظهر لك ولكن رأيت أن تعينه على غرضه قضاء لحق إسلامه فذلك ليس بممنوع بل هو الأحسن إن كانت معصيته بالجناية على حقك أو حق من يتعلق بك .
. وفيه نزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ألا تحبون أن يغفر الله لكم إذ تكلم
مسطح بن أثاثة في
nindex.php?page=treesubj&link=29382واقعة الإفك .
فحلف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أن يقطع عنه رفقه وقد كان يواسيه بالمال ؛ فنزلت الآية مع عظم معصية
مسطح وأية معصية تزيد على التعرض لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإطالة اللسان في مثل
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها إلا أن الصديق رضي الله عنه كان كالمجني عليه في نفسه بتلك الواقعة ، والعفو عمن ظلم والإحسان إلى من أساء من أخلاق الصديقين .
وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=25988يحسن الإحسان إلى من ظلمك ، فأما من ظلم غيرك وعصى الله به فلا يحسن إحسانك إليه ؛ لأن في
nindex.php?page=treesubj&link=25988الإحسان إلى الظالم إساءة إلى المظلوم .
وحق المظلوم أولى بالمراعاة ، وتقوية قلبه بالإعراض ؛
nindex.php?page=treesubj&link=25988عن الظالم أحب إلى الله من تقوية قلب الظالم فأما إذا كنت أنت المظلوم فالأحسن في حقك العفو والصفح .
فَإِنْ قُلْتَ فَبِمَاذَا : يُمْكِنُ
nindex.php?page=treesubj&link=18804إِظْهَارُ الْبُغْضِ ؟ فَأَقُولُ : أَمَّا فِي الْقَوْلِ فَبِكَفِّ اللِّسَانِ عَنْ مُكَالَمَتِهِ وَمُحَادَثَتِهِ مَرَّةً وَبِالِاسْتِخْفَافِ وَالتَّغْلِيظِ فِي الْقَوْلِ أُخْرَى .
وَأَمَّا فِي الْفِعْلِ فَبِقَطْعِ السَّعْيِ فِي إِعَانَتِهِ مَرَّةً وَبِالسَّعْيِ فِي إِسَاءَتِهِ وَإِفْسَادِهِ مَآرِبِهِ أُخْرَى .
وَبَعْضُ هَذَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ وَهِيَ ، بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ .
، أَمَّا مَا يَجْرِي مَجْرَى الْهَفْوَةِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهُ مُتَنَدِّمٌ عَلَيْهَا وَلَا يُصِرُّ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى فِيهِ السَّتْرُ وَالْإِغْمَاضُ .
أَمَّا مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تَأَكَّدَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ وَصُحْبَةٌ وَأُخُوَّةٌ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ وَسَيَأْتِي وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَتَأَكَّدْ أُخُوَّةٌ وَصُحْبَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِ أَثَرِ الْبُغْضِ إِمَّا فِي الْإِعْرَاضِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْهُ وَقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ وَإِمَّا فِي الِاسْتِخْفَافِ وَتَغْلِيظِ الْقَوْلِ عَلَيْهِ .
وَهَذَا أَشَدُّ مِنَ الْإِعْرَاضِ وَهُوَ بِحَسَبِ غِلَظِ الْمَعْصِيَةِ وَخِفَّتِهَا وَكَذَلِكَ فِي الْفِعْلِ أَيْضًا رُتْبَتَانِ إِحْدَاهُمَا قَطْعُ الْمَعُونَةِ وَالرِّفْقُ وَالنُّصْرَةُ عَنْهُ وَهُوَ أَقَلُّ الدَّرَجَاتِ وَالْأُخْرَى السَّعْيُ فِي إِفْسَادِ أَغْرَاضِهِ عَلَيْهِ كَفِعْلِ الْأَعْدَاءِ الْمُبْغِضِينَ ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَكِنْ فِيمَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ طَرِيقَ الْمَعْصِيَةِ .
أَمَّا مَا لَا ؛ يُؤَثِّرُ فِيهِ ، فَلَا مِثَالُهُ رَجُلٍ عَصَى اللَّهَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً لَوْ تَيَسَّرَ لَهُ نِكَاحُهَا لَكَانَ مَغْبُوطًا بِهَا بِالْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالْجَاهِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَنْعِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا فِي بَعْثٍ وَتَحْرِيضٍ عَلَيْهِ ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى إِعَانَتِهِ لِيَتِمَّ لَهُ غَرَضُهُ وَمَقْصُودُهُ وَقَدَرْتَ عَلَى تَشْوِيشِهِ لِيَفُوتَهُ غَرَضُهُ فَلَيْسَ لَكَ السَّعْيِ فِي تَشْوِيشِهِ .
أَمَّا ، الْإِعَانَةُ فَلَوْ تَرَكْتَهَا إِظْهَارًا لِلْغَضَبِ عَلَيْهِ فِي فِسْقِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَيْسَ يَجِبُ تَرْكُهَا ؛ إِذْ رُبَّمَا يَكُونُ لَكَ نِيَّةٌ فِي أَنْ تَتَلَطَّفُ بِإِعَانَتِهِ وَإِظْهَارِ الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ لِيَعْتَقِدَ مَوَدَّتَكَ وَيَقْبَلَ نُصْحَكَ ؛ فَهَذَا حَسَنٌ ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَكَ وَلَكِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعِينَهُ عَلَى غَرَضِهِ قَضَاءً لِحَقِّ إِسْلَامِهِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ بَلْ هُوَ الْأَحْسَنُ إِنْ كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّكَ أَوْ حُقِّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِكَ .
. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ إِذْ تَكَلَّمَ
مِسْطَحُ بْنُ أَثَاثَةَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29382وَاقِعَةِ الْإِفْكِ .
فَحَلَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُ رِفْقَهُ وَقَدْ كَانَ يُوَاسِيهِ بِالْمَالِ ؛ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ مَعَ عِظَمِ مَعْصِيَةِ
مِسْطَحٍ وَأَيَّةُ مَعْصِيَةٍ تَزِيدُ عَلَى التَّعَرُّضِ لِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِطَالَةِ اللِّسَانِ فِي مِثْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَّا أَنَّ الصَّدِيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ كَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ ، وَالْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَ وَالْإِحْسَانُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ مِنْ أَخْلَاقِ الصِّدِّيقِينَ .
وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=25988يَحْسُنُ الْإِحْسَانُ إِلَى مَنْ ظَلَمَكَ ، فَأَمَّا مَنْ ظَلَمَ غَيْرَكَ وَعَصَى اللَّهَ بِهِ فَلَا يَحْسُنُ إِحْسَانُكَ إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25988الْإِحْسَانِ إِلَى الظَّالِمِ إِسَاءَةً إِلَى الْمَظْلُومِ .
وَحَقُّ الْمَظْلُومِ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ ، وَتَقْوِيَةَ قَلْبِهِ بِالْإِعْرَاضِ ؛
nindex.php?page=treesubj&link=25988عَنِ الظَّالِمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ تَقْوِيَةِ قَلْبِ الظَّالِمِ فَأَمَّا إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الْمَظْلُومَ فَالْأَحْسَنُ فِي حَقِّكَ الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ .