الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فمن الوفاء للأخ مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه والمتعلقين به ومراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاة الأخ في نفسه فإن فرحه بتفقد من يتعلق به أكثر ؛ إذ لا يدل على قوة الشفقة والحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان فإنه لا يحسد متعاونين على بر كما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما قال الله تعالى : وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم وقال مخبرا عن يوسف من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ويقال : ما تواخى اثنان في الله ففرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما .

وكان بشر يقول : إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه .

وذلك لأن الإخوان مسلاة للهموم وعون على الدين .

ولذلك قال ابن المبارك : ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية .

التالي السابق


(فمن الوفاء مراعاة أصدقائه) وأحبابه و (أقربائه) بل و (المتعلقين به) والمترددين إليه و (مراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاة الأخ نفسه فإن فرحه بتعهد من يتعلق به أكثر؛ إذ لا يدل على قوة الشفقة والحب إلا تعديمها من المحبوب إلى كل ما يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يتميز في القلب عن سائر الكلاب و) هذا هو الغاية القصوى في حسن العهد، وقس على ذلك جيرانه وأهل حارته بل أهل قريته (ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان) أي: فرح (فإنه لا يحسد على متعاونين على بر) وخير (كما يحسد متواخيين في الله) تعالى (ومتحابين فيه) لأجله (فإنه) أي: الشيطان (يجهد نفسه) أي: يتعبها (لإفساد ما بينهما) ولفظ القوت: ويقال ما حسد العدو متعاونين على بر حسده متواخيين في الله -عز وجل- ومتحابين فيه؛ فإنه يجهد ويحث قبيله على إفساد ما بينهما، وقد (قال الله تعالى لعباده: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم ) يعني الكلمة الحسنة بعد نزغ الشيطان، وقال تعالى مخبرا عن يوسف - عليه السلام-: من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي هكذا في القوت .

(ويقال: ما تواخى اثنان في الله) -عز وجل- (ففرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما) كذا في القوت أي: فرقة أحد الأخوين إنما تكون من ذنب فهو عقوبة للمرتكب (وكان بشر) بن الحارث الحافي قدس سره (يقول: إذا قصر العبد في طاعة الله) تعالى (سلب الله) -عز وجل- (من يؤنسه) كذا في القوت (وذلك أن الإخوان) وفي نسخة: مجالسة الإخوان (مسلاة للقلوب) وفي نسخة: للهموم، (وعون على الدين) والذي في القوت، وكان بعضهم يقول: الإخوان مسلاة للهم ومذهبة للأحزان (ولذلك قال ابن المبارك: ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية) كذا في النسخ والذي في القوت وقيل لسفيان بن عيينة: أي الأشياء ألذ؟ فقال: مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية .




الخدمات العلمية