الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضا قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لا بد من الرفق وإسداء الخير والمعروف إذ يقال : إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة فيقول يا رب : سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني .

وبلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه وكان يجلس في ظل داره ، فقال : ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما فدفع إليه ثمن الدار وقال : لا تبعها .

وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره ، فقيل له : لو اقتنيت هرا فقال : أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي .

التالي السابق


(واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى) عنه (فقط بل) حقه (احتمال الأذى) منه مع الكف (فإن الجار أيضا قد كف أذاه) عنه (فليس في ذلك قضاء حق) ؛ إذ هو كف في مقابلة كف (ولا يكفي احتمال الأذى فقط بل لا بد من الرفق) معه (وإسداء الخير والمعروف) له وإليه (إذ يقال: إن الجار الفقير يتعلق بالجار الغني يوم القيامة ويقول: رب سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني) وقد كنت محتاجا إلى فضله (وبلغ ابن المقفع) هو أبو محمد عبد الله، فصيح بليغ، وكان اسمه روزبة أو راذبة بن داذ جشنش قبل إسلامه، وكنيته أبو عمر، فلما أسلم تسمى بعبد الله وتكنى بأبي محمد، ولقب أبوه بالمقفع؛ لأن الحجاج ضربه ضربا مبرحا فتقفعت يده؛ أي: تشنجت. كذا في العباب للصنعاني (أن جارا له يبيع داره في دين) أي: لأجل دين (ركبه وكان) ابن المقفع (يجلس في ظل داره، فقال: ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها لعدمه) بالضم أي: لفقره، وفي نسخة: معدما (فدفع إليه الثمن) أي: ثمن الدار (وقال: لا تبتعها) وفي نسخة: لا تبعها (وشكا بعضهم كثرة الفار في داره، فقيل له: لو اقتنيت هرا) أي: لو اتخذته (فقال: أخشى أن يسمع الفار صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي) وفي نسخة: ما لم أحب .




الخدمات العلمية