الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واحتجوا بما روى معاذ بن جبل أنه صلى الله عليه وسلم قال إن : الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية والناحية والشاردة وإياكم والشعاب وعليكم بالعامة والجماعة والمساجد .

وهذا إنما أراد به من اعتزل قبل تمام العلم وسيأتي بيان ذلك وأن ذلك ينهى عنه إلا لضرورة .

التالي السابق


(واحتجوا بما روى معاذ بن جبل) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الشيطان ذئب الإنسان) أي: مفسد للإنسان ومهلك له (كذئب) أرسل في قطيع (الغنم يأخذ) الشاة (القاصية) أي: البعيدة من صواحباتها (والناحية) التي غفل عنها وبقيت في جانب منها (والشاردة) أي: النافرة، وهذا تمثيل مثل حالة مفارق الجماعة واعتزاله عنهم ثم تساقط الشيطان عليه بحالة شاة شاذة عن الغنم ثم افتراس الذئب إياها بسبب تقاطعها، ووصف الشاة بثلاث صفات، ولما انتهى التمثيل حذر فقال (إياكم والشعاب) أي: الاعتزال فيها وهي طرق الجبل، ويحتمل أن يكون مصدر شاعبة؛ أي: احذروا التفرق والاختلاف، والأول أظهر (وعليكم بالعامة) أي: السواد الأعظم (والجماعة) الكثيرة المجتمعة من المسلمين (والمساجد) فإنها أحب البقاع إلى الله تعالى .

قال العراقي: رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا اهـ .

قلت: بينه الهيثمي، فقال: روياه من حديث العلاء بن زياد عن معاذ والعلاء لم يسمع من معاذ (وهذا إنما أراد به من اعتزل) الجماعة (قبل تمام العلم) الواجب عليه تعلمه (وسيأتي أن ذلك منهي عنه إلا للضرورة) وتقدم أيضا: تفقه ثم اعتزل، قاله النخعي، وسيأتي أيضا في آخر هذا الكتاب .




الخدمات العلمية