الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عامر الجهني لما قال : يا رسول الله ما النجاة ? قال : ليسعك بيتك وأمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك وروي أنه قيل له صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل قال : مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله تعالى قيل : ثم من قال : رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره .

وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي .

التالي السابق


(واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عامر الجهني) هكذا في سائر نسخ الكتاب وليس في الصحابة من اسمه لعبد الله بن عامر إلا رجلان أحدهما بلدي حليف بني ساعدة وهو بدري عند ابن إسحاق، وآخر عامري له وفادة وفي نسخة: العراقي عقبة بن عامر الجهني وهكذا هو في سنن الترمذي (لما قال له: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: ليسعك بيتك وأمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك) .

قال العراقي: رواه الترمذي من حديث عقبة وقال: حسن. اهـ .

قلت: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي عن عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي قال: قال عقبة بن عامر: قلت: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: املك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.

(وروي أنه قيل له -صلى الله عليه وسلم-: أي الناس أفضل قال: مؤمن مجاهد) قال الحافظ ابن حجر: أراد بالمؤمن هنا من قام بما يتعين عليه ثم حصل هذه الفضيلة لا أن المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الفروض العينية (بنفسه وماله) لما فيه من بذلها (في سبيل الله) من النفع المتعدي (قيل: ثم من) يا رسول الله (قال: رجل معتزل) منقطع للتعبد (في شعبة من الشعاب) وهي الفرجة بين جبلين وليس بقيد بل مثال؛ إذ الغالب على الشعاب الخلو منها (يعبد ربه ويدع) أي: يترك (الناس من شره) فلا يشارهم ولا يخاصمهم، رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبو سعيد الخدري ولفظه: ثم مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره.

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يحب التقي) هو من يترك المعاصي امتثالا للمأمور به واجتنابا للمنهي عنه، وقيل: هو المبالغ في تجنب الذنوب (الغني) غنى النفس كما جزم به في الرياض، وقال عياض والبيضاوي: المراد به غنى المال وأقره الطيبي (الخفي) أي: الخامل الذكر، وروي بمهملة، ومعناه الواصل للرحم اللطيف بهم من الضعفاء، وقال الطيبي: وإن كان المراد غنى القلب اشتمل على الفقير الصابر والغني الشاكر منه، رواه أحمد ومسلم في آخر صحيحه عن سعد بن أبي وقاص كان في ليلة فجاءه ابنه فقال: نزلت ههنا وتركت الناس يتنازعون الملك، فضربه سعد في صدره فقال: اسكت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول. فذكره. وقال أبو نعيم في الحلية، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحرب بن أبي أسامة، حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، سمعته يخبر عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول فذكره .




الخدمات العلمية