وكل من خالط الناس داراهم ومن داراهم راءاهم ومن راءاهم وقع فيما وقعوا فيه وهلك كما هلكوا . 
وأقل ما يلزم فيه النفاق فإنك إن خالطت متعاديين ولم تلق كل واحد منهما بوجه يوافقه صرت بغيضا إليهما جميعا وإن جاملتهما كنت من شرار الناس . 
وقال صلى الله عليه وسلم : تجدون من شرار الناس ذا الوجهين  يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه  . 
وقال صلى الله عليه وسلم إن من شر الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه  . 
وأقل ما يجب في مخالطة الناس إظهار الشوق والمبالغة فيه  ولا يخلو ذلك عن كذب إما في الأصل وإما في الزيادة وإظهار الشفقة بالسؤال عن الأحوال بقولك : كيف أنت وكيف أهلك ? وأنت في الباطن فارغ القلب من همومه وهذا نفاق محض . 
قال سري : لو دخل أخ لي فسويت لحيتي بيدي لدخوله لخشيت أن أكتب في جريدة المنافقين . 
وكان  الفضيل  جالسا وحده في المسجد الحرام  فجاء إليه أخ له فقال له ما جاء بك ? قال : المؤانسة يا أبا علي  فقال : هي والله بالمواحشة أشبه هل تريد إلا أن تتزين لي وأتزين لك وتكذب لي وأكذب لك إما أن تقوم عني أو أقوم عنك  . 
وقال بعض العلماء : ما أحب الله عبدا إلا أحب أن لا يشعر به . 
ودخل  طاوس  على الخليفة هشام فقال : كيف أنت يا هشام ؟  فغضب عليه وقال : لم لم تخاطبني بأمير المؤمنين ؟! فقال : لأن جميع المسلمين ما اتفقوا على خلافتك؛ فخشيت أن أكون كاذبا  . 
فمن أمكنه أن يحترز هذا الاحتراز فليخالط الناس وإلا فليرض بإثبات اسمه في جريدة المنافقين . 
فقد كان السلف يتلاقون ويحترزون في قولهم : كيف أصبحت ? وكيف أمسيت ? وكيف أنت وكيف حالك ? وفي الجواب عنه . 
فكان ، سؤالهم عن أحوال الدين لا عن أحوال الدنيا . 
قال حاتم الأصم  لحامد اللفاف  كيف أنت في نفسك ? قال سالم معافى فكره حاتم جوابه وقال : يا حامد ، السلامة من وراء الصراط والعافية في الجنة  . 
وكان إذا قيل لعيسى  صلى الله عليه وسلم : كيف أصبحت ? قال أصبحت : لا أملك تقديم ما أرجو ولا أستطيع دفع ما أحاذر وأصبحت مرتهنا بعملي ، والخير كله في يد غيري ولا فقير أفقر مني . 
وكان  الربيع بن خثيم  إذا قيل له : كيف أصبحت ? قال أصبحت من ضعفاء مذنبين نستوفي أرزاقنا وننتظر آجالنا . 
وكان  أبو الدرداء  إذا قيل له : كيف أصبحت ? قال : أصبحت بخير إن نجوت من النار . 
وكان  سفيان الثوري  إذا قيل له : كيف أصبحت يقول ؟ : أصبحت أشكر ذا إلى ذا ، وأذم ذا إلى ذا ، وأفر من ذا الى ذا ، وقيل  لأويس  القرني كيف أصبحت قال ؟ : كيف يصبح رجل إذا أمسى لا يدري أنه يصبح وإذا أصبح لا يدري أنه يمسي ? وقيل : لمالك بن دينار  كيف أصبحت قال ؟ : أصبحت في عمر ينقص وذنوب تزيد. . 
وقيل : لبعض الحكماء كيف أصبحت؟ قال أصبحت لا أرضى حياتي لمماتي ولا نفسي لربي . 
وقيل لحكيم كيف أصبحت؟ قال ؟ : أصبحت آكل رزق ربي وأطيع عدوه إبليس . 
وقيل  لمحمد بن واسع  كيف أصبحت قال : ما ظنك برجل يرتحل كل يوم إلى الآخرة مرحلة . 
؟ وقيل لحامد اللفاف :  كيف أصبحت قال ؟ : أصبحت أشتهي عافية يوم الى الليل ، فقيل له : ألست في عافية في كل الأيام ? فقال : العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه  . 
وقيل لرجل وهو يجود بنفسه ما حالك ? فقال : وما حال من يريد سفرا بعيدا بلا زاد ويدخل قبرا موحشا بلا مؤنس وينطلق إلى ملك عدل بلا حجة . 
? وقيل لحسان بن أبي سنان  ما حالك قال ما ؟ : حال من يموت ثم يبعث ثم يحاسب . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					