الباب الأول :
في الآداب من أول النهوض إلى آخر الرجوع .
وفي نية السفر وفائدته وفيه فصلان .
الفصل الأول في . فوائد السفر وفضله ونيته
اعلم أن السفر نوع حركة ومخالطة وفيه فوائد وله آفات كما ذكرناه في .
كتاب الصحبة والعزلة والفوائد الباعثة على السفر لا تخلو من هرب أو طلب .
فإن المسافر إما أن يكون له مزعج عن مقامه ولولاه لما كان له مقصد يسافر إليه ، وإما أن يكون له مقصد ومطلب .
والمهروب عنه إما أمر له نكاية في الأمور الدنيوية .
كالطاعون والوباء إذا ظهر ببلد أو خوف سببه فتنة أو خصومة أو غلاء سعر .
وهو إما عام كما ذكرناه أو خاص كمن يقصد بأذية في بلدة فيهرب منها .
وإما أمر له نكاية في الدين كمن ابتلي في بلده بجاه ومال واتساع أسباب تصده عن التجرد لله فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه أو كمن يدعى إلى بدعة قهرا أو إلى ولاية عمل لا تحل مباشرته فيطلب الفرار منه .
وأما المطلوب فهو إما دنيوي كالمال والجاه أو ديني والديني إما علم وإما عمل .
والعلم إما علم من العلوم الدينية ، وإما علم بأخلاق نفسه وصفاته على سبيل التجربة وإما علم ، بآيات الأرض وعجائبها كسفر ذي القرنين وطوافه في نواحي الأرض .
والعمل إما عبادة وإما زيارة .
والعبادة هو الحج والعمرة والجهاد .
والزيارة أيضا من القربات ، وقد يقصد بها مكان كمكة والمدينة وبيت المقدس .
والثغور فإن الرباط بها قربة .
وقد يقصد بها الأولياء والعلماء وهم إما موتى فتزار قبورهم وإما أحياء فيتبرك بمشاهدتهم ويستفاد من النظر إلى أحوالهم قوة الرغبة في الاقتداء بهم .