الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين أو سفر أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن .

فكل من لبس الخف على طهارة مبيحة للصلاة ثم أحدث فله أن يمسح على خفه من وقت حدثه ثلاثة أيام ولياليهن إن كان مسافرا أو يوما وليلة إن كان مقيما ولكن بخمسة شروط: الأول : أن يكون اللبس بعد كمال الطهارة فلو غسل الرجل اليمنى وأدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف لم يجز له المسح عند الشافعي رحمه الله حتى ينزع اليمنى ويعيد لبسه .

التالي السابق


(أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كنا مسافرين أو) قال (سفرا) شك من الراوي وهو بفتح فسكون جمع سافر كركب وراكب (أن لا ننزع خفافنا ثلاثة ولياليهن) إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم، قال العراقي: رواه الترمذي وصححه وابن ماجه والنسائي في الكبرى وابن حبان وابن خزيمة . اهـ .

قلت: ورواه أيضا الشافعي وأحمد والدارقطني والبيهقي قال الترمذي عن البخاري: حديث حسن، وصححه أيضا الخطابي ومداره عندهم على عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عنه، وذكر أبو القاسم بن منده أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفسا، وتابع عاصما عليه عبد الوهاب بن بخت وإسماعيل بن أبي خالد وطلحة بن معرب والمنهال بن عمرو ومحمد بن سوقة وذكر جماعة، ومراده أصل الحديث لأنه مشتمل على التوبة والمرء مع من أحب وغير ذلك. وقد روى الطبراني حديث المسح من طريق عبد الكريم بن أمية عن حبيب بن أبي ثابت عن زر، وعبد الكريم ضعيف، ورواه البيهقي من طريق أبي روق عن أبي الغريب عن صفوان بن عسال، ولفظه: ليمسح أحدكم إذا كان مسافرا على خفيه إذا أدخلهما طاهرتين ثلاثة أيام ولياليهن، وليمسح المقيم يوما وليلة. ووقع في الدارقطني زيادة في آخر هذا المتن وهي قوله: أو ريح، وذكر أن وكيعا تفرد بها عن مسعر عن عاصم.

(فكل من لبس الخف على طهارة مبيحة للصلاة ثم أحدث فله أن يمسح على خفيه من وقت حدثه) العارض له (ثلاثة أيام ولياليهن إن كان مسافرا أو يوما وليلة إن كان مقيما) هذا التوقيت باتفاق الأئمة إلا مالكا، فإنه لا توقيت عنده بحال، وحكى الزعفراني عن الشافعي أنه لا توقيت بحال إلا إذا وجب عليه غسل ثم رجع عن ذلك، نقله ابن هريرة في الإفصاح، وقوله: على طهارة مبيحة للصلاة، ونصه في الوجيز: إذا لبسه على طهارة كاملة ثم أحدث فشرط كمالها في وقت اللبس، وخرج عنه التيمم فإنه ليست طهارة كاملة، وعبارة الهداية لأصحابنا جائز بالسنة من كل حدث موجب للوضوء على طهارة كاملة إذا لبسهما ثم أحدث أي: من كل حدث كائنا أو حادثا على طهارة كاملة، وتتفرع منها مسائل خلافية يأتي ذكرها وقوله: فله أن يمسح. إشارة إلى أنه رخصة لا عزيمة، والأحب المسح. وقوله: من وقت حدثه. يأتي الكلام عليه قريبا .

(ولكن بخمسة شروط: الأول: أن يكون اللبس بعد كمال الطهارة فلو غسل الرجل اليمنى وأدخلها في الخف ثم غسل اليسرى ثم أدخلها في الخف لم يجز له المسح عند الشافعي) -رضي الله عنه- (حتى ينزع خف اليمين ويعيد لبسه) فيكفيه ويجوز المسح بعده على الصحيح من المذهب، وعلى الثاني لا بد من نزعهما ولو أدخل الرجلين في الخف بلا غسل ثم غسلهما ثم أدخلهما قرار الخف صح لبسه وجاز المسح، ولو لبس متطهرا ثم أحدث قبل وصول قدم الخف أو مسح بشرطه ثم أزال القدم من مقرها، ولم يظهر من محل الفرض شيء ففي الصورتين ثلاثة أوجه الصحيح جواز المسح في الثانية، ومنعه الأولى، والثانية يجوز فيهما، والثالث لا يجوز فيهما وعند أصحابنا هذه الصورة التي ذكر المصنف يجوز فيها المسح إذا أحدث لعدم اشتراط كمال الطهارة وقت اللبس عندنا، وإنما يشترط وقت الحدث حتى لو غسل رجليه ولبس خفيه ثم أتم الوضوء قبل أن يحدث جاز له المسح عليهما لوجود التمام عند الحدث، وصورة امتناعها عند الشافعي لوجهين: لعدم الترتيب في الوضوء ولعموم كمال الطهارة وقت اللبس، ويستدل بلفظ الحديث: أدخلتهما وهما طاهرتان، وأجاب أصحابنا بأن المراد منه أدخلت كل واحد منهما الخف وهي طاهرة; لأنهما افترقتا في الطهارة والإدخال وهذا كما يقال: دخلت البلد ونحن ركبان يشترط أن يكون كل واحد راكبا عند دخولها ولا يشترط أن يكون جميعهم ركبانا عند دخول كل واحد منهم ولا اقترانهم في الدخول .




الخدمات العلمية