اللفظ العاشر : الثمار في رءوس النخل 
والنظر في مقتضى الإطلاق والمستثنى من ذلك في العرية ووضع الجوائح ، فهذه ثلاثة أنظار : 
 [ ص: 183 ] النظر الأول : 
في مقتضى الإطلاق ، وفي ( الجواهر ) : موجب الإطلاق بعد الزهو  استحقاق الإبقاء إلى أوان القطاف ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : يتعين القطع عند العقد ( ولو شرط التبقية امتنع ; ) لأنه مقتضى العقد في سائر المبيعات إن تحول ، ولأنه اشترط منفعة الأصول  وهي مجهولة فيكون العقد تناول مجهولا ، تناول مجهولا . 
والجواب عن الأول : أن مقتضى العقد معارض بمقتضى العادة . 
وعن الثاني : أن مثل هذا لا يقدح في العقود ، كما لو اشترى طعاما كثيرا ، فإنه يؤخره للزمان الذي يحمل فيه مثله ، وبيع الدار فيها الأمتعة تتأخر مدة التحويل منها وإن طالت على جاري العادة ، لقوله عليه السلام : ( أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه   ) ومنعها إنما هو بالجائحة بعد البيع ، وهو دليل التبقية ، ويجوز بيع الثمار قبل الزهو بشرط القطع ، ويبطل بشرط التبقية ; لنهيه عليه السلام في الصحيحين ( أن تباع الثمرة حتى تشقح ، قيل : وما تشقح ؟ قال : تحمار وتصفار ويؤكل منها   ) ولأنها معرضة للعاهات قبل ذلك فتندرج في الغرر . 
فائدة : قال صاحب ( الإكمال ) تشقح الثمرة : احمرارها ; لأن الشقحة لون غير خالص للحمرة أو الصفرة ، وتحمار وتصفار : للون المائل ، وأحمر   [ ص: 184 ] وأصفر : اللون المستقر ، وروى : تشقه بسكون الشين المعجمة ، والمعروف : التحريك مع الحاء والهاء بدل من الحاء نحو : مدحه ومدهه ، وأزها النخل يزهو إذا احمر أو اصفر ، وقيل : يزهو خطأ بل يزهى ، وقيل : أزهى خطأ بل زهى . 
سؤال : لم سألوه عليه السلام : حتى يشقح ، أو حتى يزهى على اختلاف الروايات مع أنها ألفاظ عربية ؟ 
جوابه : لعلها لغة قبيلة غيرهم ، أو مستعارة لحسن الثمرة فيسأل أي حسنها يريد ، أو سألوه احتياطا للحكم . 
فرع 
قال : فإن وقع العقد عندنا عن شرط القطع والإلغاء ، فظاهر الكتاب : الصحة استقراء من قوله في البيوع الفاسدة : إذا اشتراها قبل بدو الصلاح جاز البيع ، وقاله ( ح ) حملا للإطلاق على العرف الشرعي وقاله  اللخمي  ،  وابن محرز  ، وغيرهما من المتأخرين ، وحكى  التونسي  ،  والشيخ أبو محمد  ، والبغداديون عن المذهب : البطلان ، وقاله ( ش ) حملا للإطلاق على العرف العادي ، ولنهيه عليه السلام عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، والنهي يقتضي الفساد إلا ما دل الدليل على جوازه ، قال  ابن يونس     : بيعها على هذه الوجوه الثلاثة جائز ، عملا بمفهوم الحديث . 
 [ ص: 185 ] فائدة :   : قال  ابن يونس     : ثمر النخل سبعة أقسام : طلع ثم يتلقح الخف عنه ويبيض فهو غريض ، ثم يخضر فبلح ، ثم تعلوه حمرة فزهو ، ثم تصير الحمرة صفرة فبسر ، ثم تعلو الصفرة دكنة فينصح فرطب ، ثم ييبس فتمر ، وإذا أزهى اشتد وصار جذره ( وامتنع سقوطه وتسلط الآفات عليه ) . 
فرع 
في ( الكتاب ) : إذا اشترى قبل الإزهاء فتركه حتى أتمر أو ) أرطب فجذه  رد قيمة الرطب يوم جذه ، قال  ابن يونس     : يريد : وإن كان قائما رده ، ولو فات والإبان قائم ، وعلم وزنه أو كيله رد مثله ; لأنه الأصل في رد المتلفات ، قال  ابن القاسم     : يريد مكيلة الثمن إن جذه تمرا إن فات ، وإلا رده بعينه سواء تركه لهرب أو لدد ، أو غيرهما حتى يرطب ، وقيل : إن تعدى الترك فسخ لعدم القدر ، ومتى جهلت المكيلة فالقيمة ; لأنها في المرتبة الثانية في الغرامات . 
فرع 
قال : إذا اشترى نخلا فيها تمر مأبور  جاز شراؤها بعد ذلك ; لأنها تغتذي من رطوبات نخل على ملكه ، فلا جهالة في المبيع ، بخلاف نخل الغير ، واختلف فيه قول  مالك  ، وفي شراء مال العبد بعد الصفقة ، ولو اشترى الثمرة أو الزرع قبل بدو الصلاح على القطع ، ثم اشترى الأصل أو الأرض  فله الإبقاء لما تقدم ، وإن اشتراها على الإبقاء ، ثم اشترى الأصل : فالبيع فاسد لمقارنة الشرط المفسد ، وإن اشترى الثمرة على الفساد ، ثم ورث الأصل من البائع : فله   [ ص: 186 ] الإبقاء لانتقال الملك إليه ، ولو اشتراها قبل الإبار ، أو الزرع على الإبقاء ، ثم اشترى الأصل أو الأرض قبل الإبار  فسخ البيعان ; لأنه كاستثناء البائع الثمرة قبل الإبار ، ولو لم يفسخها حتى أزهت وقبضها المشتري مع الأصل فقيمتها يوم قبض الأصل ، ويرد الأصل ; لأنه بيع فاسد ، ولو اشترى مع الأصل بعد الإبار ردت الثمرة إلى ربها وثبت بيع الأصل ، ولو لم يفسخ البيع حتى أزهت في شجر المشتري ( فهي له ، وعليه قيمتها يوم شراء الأصل على الرجاء والخوف ; لأنه فوت في بيع فاسد ، ولو اشترى الأصل بعد زهو الثمرة في ) الشجر أو بعد فسخ بيع الثمر والزرع وإن اخضر ، إلا أنه انكشف الغيب أنه على التبقية في ملك الغير ، ولو ابتاع الأرض بزرعها في صفقة واحدة ، ثم استحقت الأرض قبل استحصاده انفسخ البيع ، أو بعد استحصاده تم البيع ، وكذلك الثمرة تنزيلا للملك الظاهر منزلة الملك الباطن ، وكذلك الثمرة ، قال  ابن حبيب     : قال صاحب ( البيان ) : في شراء مال العبد وتمر النخل بعد الصفقة أربعة أقوال : الجواز ; لأن النهي عن البيع قبل بدو الصلاح إنما جاء إذا بقيت الأصول  لابن القاسم  ، والمنع  لمالك  لظاهر النهي ، والتفرقة بين القرب فيجوز ; لأنه في حكم الوقوع مع العقد ، وبين البعد فيمتنع ، وفرق  أشهب  بين ثمر النخل فيجوز مع القرب والبعد ، ويمتنع مال العبد مطلقا لجهالته فلا ينفرد ، قال  يحيى     : والقرب نحو عشرين يوما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					