الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                تنبيه : قال اللخمي : مدار هذا الباب على سبع مسائل : مسألة كذب ، مسألة غش ، مسألة عيب ، مسألة كذب وغش ، مسألة كذب وعيب وغش ، مسألة عيب وغش ، مسألة كذب وغش وعيب .

                                                                                                                المسألة الأولى : مسألة كذب بأن يشتريها بخمسة ويقول سبعة ، فإن كانت قائمة يخير المشتري بين التمسك بغير شيء أو يرد ، إلا أن يحط الكذب وربحه ، وقاله ( ح ) ، وقال ( ش ) في أحد قوليه ، وابن حنبل : بل يتعين الرجوع بما زاد ، فإن فاتت خير البائع بين حط الكذب وربحه ، وبين القيمة يوم القبض ما لم تزد على ما باع به ، أو تنقص عن الثمن الخمسة وربحها ، قاله مالك ، وقال عبد الملك : للمشتري الرد حالة القيام وإن حط الكذب وربحه ; لأنه يتوقع أن ماله حرام ، ويحمل قول مالك على أنه طلب إسقاط الزائد فقط ، أما لو قال : أخشى أن ذمته مشغولة ، كان ذلك له ; لأن الناس يكرهون معاملة أهل الحرام ، فإن لم ينقد الثمن ، أو نقده وعرفت عينه وكان عرضا ولم يفت ، كان له الرد كما قال عبد الملك ، وإن استهلكه مضى بالثمن الصحيح ; لأنه إن رد السلعة أخذ ثمنه من حينه إلا أن يكون حديث عهد بالجلوس للبيع ، فلا رد له إن حط الكذب وربحه ، وروى ابن القاسم عن مالك : يفيت السلعة حوالة الأسواق ، والقيمة يوم القبض ، وعنه : يفيتها النماء والنقص والقيمة يوم البيع ملاحظة لصورة العقد ، والخلاف في وقت القيمة من الخلاف في المحبوسة بالثمن ، فعلى [ ص: 169 ] القول بأنها من البائع فالقيمة يوم القبض ، وعلى القول الآخر : يوم البيع ، وعن مالك : يحط الكذب وربحه في الفوت من غير تخيير ، والأول أحسن ; لأن ظلمه لا يلزمه أخذ ما لم يبع به .

                                                                                                                المسألة الثانية : مسألة الغش بأن يشتري بخمسة ويرقم بسبعة ويبيع على خمسة ، فيفهم أنه غلط ، فهي خديعة فيخير المشتري بين التمسك بغير شيء ، أو الرد وأخذ الثمن ، وليس للبائع إلزامه ، فإن فاتت بالأقل من الثمن الذي بيعت به ، أو القيمة ، ولا يضرب على القيمة ربح ، وقال ابن عبدوس : يفيتها حوالة الأسواق كالبيع الفاسد ، وعلى رواية علي : لا يفيتها إلا العيوب ; لأنها أقوى من الكذب ، وإن أحب الرد ردها وما نقصها العيب .

                                                                                                                المسألة الثالثة : مسألة العيب ، فله الرد ، وإن حط عنه أرش العيب ; لأنه يكره المعيب بخلاف الكذب إذا حط .

                                                                                                                المسألة الرابعة : مسألة كذب وغش ، اشترى بخمسة وقال : سبعة ، وطال زمانها في يده وبارت ، ورقم عليها عشرة ، فإن كانت قائمة ، فإن للمشتري الرد ، وإن طرح عنه الثمن لأجل الغش ، وإن فاتت بنماء أو نقص فقيامه بالغش خير له ، فإن كانت القيمة يوم القبض دون الخمسة لم يكن عليه غير القيمة ، وإن كانت أكثر اتفق الكذب والغش ، ويغرم القيمة من غير ربح ما لم يجاوز الكذب وربحه ، وعلى القول أن الكذب يحط كالعيب يبدأ به فيحط ثم يغرم القيمة ما لم يتجاوز الباقي .

                                                                                                                المسألة الخامسة : العيب والغش ، فإن لم تفت فله الرد ، فإن فاتت بنماء [ ص: 170 ] أو نقص له التمسك ، ثم يبدأ بالعيب فيحط قدره من الثمن ، ثم يرجع إلى الغش فليس له إلا قيمتها معينة ، وتغير سوقها فوت من جهة الغش على قول ابن عبدوس ، فله الرد بالعيب حينئذ ، وله التمسك ، ويدفع القيمة من ناحية الغش ، وتقوم على رأي محمد لا عيب فيها ; لأنها لم تفت من ناحية العيب ، وعلى القول الآخر : تقوم معيبة .

                                                                                                                المسألة السادسة : الكذب والعيب إن علم بالعيب وهي قائمة فله الرد به ، وإن حط البائع الكذب ، أو فاتت بنماء ، أو نقص كان فوتا للكذب والعيب ، فعلى القول : إن الكذب يحط كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه ، ثم يحط العيب من الثمن الصحيح ، وعلى القول بأنه لا يسقط يبتدأ بإسقاط العيب من جملة الثمن الصحيح والسقيم ، فإن فاتت بحوالة الأسواق فاتت على رواية ابن القاسم في الكذب ، ولم تفت بالعيب فله الرد بالعيب ، وله أن يمسك ثم يخير البائع بين حط الكذب وربحه ، أو يأخذ قيمة سلعته ما لم تكن القيمة أقل من قيمة الصحيح ، أو أكثر من السقيم ، ويختلف : هل تقوم سالمة لأن المشتري رضي بالعيب ؟ قاله محمد ، وقال ابن سحنون : معيبة ، ولا يعطي المشتري إلا قيمة ما أخذ .

                                                                                                                المسألة السابعة : كذب وعيب وغش ، فإن فاتت لنماء أو نقص : فعلى القول بأن الكذب يسقط حكما كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه ، ثم تقوم السلعة صحيحة ثم معيبة فيسقط ما نقصها العيب ، ثم يبقى مقاله في الغش ، فله إعطاء القيمة من غير ربح ما لم يتجاوز الباقي .

                                                                                                                [ ص: 171 ] فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : إذا كذب في المكيل أو الموزون فعلم المشتري بعد نقله : كان له غرم مثله إلا أن يحط البائع الكذب وربحه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في المقدمات : إذا اجتمع العيب والكذب فخمسة أحوال : الأولى إذا لم تفت بوجه من الوجوه ، الثانية : الفوات بحوالة الأسواق ، وقد تقدم حكمها ، الثالثة : الفوات بالبيع باعتبار العيب وله المطالبة بالكذب ، الرابعة : الفوات بالعيوب فله المطالبة بأيهما شاء فيخير بين ردها وما نقصها العيب ، أو يرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح ، وبين الرضا والمطالبة بحكم الكذب ، الخامسة : ذهاب عينها أو ما يقوم مقامه فله أخذ قيمة العيب وما ينوبه من الربح ، أو يطالب بالكذب فعليه القيمة ما لم تكن أقل أو أكثر على ما تقدم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فإن اجتمع العيب والغش فخمسة أحوال : الأولى : عدم الفوات مطلقا ، وقد تقدم حكمها ، الثانية : فواتها بالبيع فليس له المطالبة إلا بالغش ، الثالثة : فواتها بحوالة الأسواق وقلة الرد بالعيب ; لأن الحوالة لا تفيته ، بخلاف البيع ، أو يرضى ويطالب بالغش فيدفع القيمة إن كانت أقل من الثمن ، الرابعة : فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين أخذها وردها وما نقصها العيب عنده ، أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح ، أو يرضى بالعيب ويطالب بالغش ، الخامسة : فواتها بفوات العتق ، أو ما يقوم مقامه فيخير [ ص: 172 ] بين المطالبة بحكم العيب فيحط قيمته وما ينوبه من الربح ، أو يرضى ويطالب بحكم الغش ، ويعطى القيمة إن كانت أقل من الثمن .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن اجتمع الكذب والغش فحالان : إحداهما : عدم الفوات بوجه من الوجوه ، فيخير بين الإمساك والرد ، الثانية : فواتها بحوالة سوق أو نماء أو نقصان . فالمطالبة بالغش أفضل له إن كانت القيمة أقل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن اجتمع عيب وكذب وغش فخمسة أحوال : الأولى : عدم الفوات مطلقا ، وقد تقدم حكمها ، الثانية : فواتها بالبيع فالمطالبة بالغش أفضل له من الكذب ، الثالثة : فواتها بحوالة الأسواق فيخير بين الرد بالعيب ; لأن الحوالة لا تفيته ، أو يرضى به ويطالب بحكم الغش فيعطي القيمة إن كانت أقل من الثمن ، الرابعة : فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين الرد ورد ما نقصها للعيب عنده ، أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وربحه ، أو يرضى ويطالب بحكم الغش ، والمطالبة على ما تقدم أفضل له من الكذب ، وإن لم يرد وكان الولد صغيرا على التفرقة خير بين جمعها في ملك أو يرد البيع ، الخامسة : فوات عينها أو ما يقوم مقامه فيخير بين الرجوع بقيمة العيب ونائبة من الربح ، أو يرضى به ويطالب بحكم الغش ; لأنه أفضل له من الكذب ، فهذه الفروع كلها على مذهبابن القاسم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب التنبيهات : الغش كتم كل ما لو علمه المبتاع كرهه ، كطول [ ص: 173 ] بقائها عنده وتغير السوق أو البدن ، أو اشتراها نصراني ، أو كتم عيبا بها ، أو رقم عليها رسوما ولم يبع عليها ، أو نظر فيها ، أو أدخلها مع الجلب ، أو الميراث ، أو بيعها مرابحة وهو لم يشترها بل حملها أو وهبها ، والكذب : الزيادة في الثمن ، أو كتم ما أسقطه البائع عنه منه أو تجوز في نقده عنه ، والفرق بينهما : أن في الكذب للبائع إلزامه بالثمن الصحيح مع قيام السلعة ; لأنه رضي بأكثر منه فيه أولا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا اشترى سلعتين بثمنين فباعهما مرابحة وأجمل الثمنين أجازه محمد ; لأن ثمن الجملة أعلى في العادة بخلاف العكس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا ابتاع بفضة فأعطى ذهبا أو طعاما أو عرضا أو عكس ذلك ، فليبينه ويجعل الربح على المعقود عليه أو المنقود ، ويقع الربح على الثياب لا على قيمتها ; لأن القيمة مجهولة ، ومنع أشهب المرابحة في عرض ; لأنه بيع ما ليس عندك إلى غير أجل السلم ، ومن باع شيئا ونقد خلافه ولم يبين ، رد ، إلا أن يرضاه المبتاع ، وإن فات بتغير سوق أو بدن أو غيرهما : فالربح على المنقود دون المعقود عليه على الجزء الذي أربحه ، وله التمسك بما عقد به البيع إن كان خيرا له ; لأن كليهما ترتب على العقد ، قال اللخمي : إن باع على ما تقدم ولم يبين أجازه مالك لعدم الغش ، ومنعه ابن حبيب ; لتعلق الغرض بالمعاوضة في الثمن ، فإن نقد طعاما فليبع على ما نقد كالدراهم والدنانير ، وقال محمد :

                                                                                                                [ ص: 174 ] الطعام كالسلع ، لا يبيع إلا على ما نقد ، قال : والصواب في جميع هذه الأسئلة إذا جاء المشتري مستفتيا أن يوكل إلى أمانته ، فما علم أنه أخذ رغبة مع تمكنه من الثمن جاز له البيع على ما عقد ولا يبين ; لأن المشتري مؤتمن على الثمن ، وإن لم يكن ذلك رغبة من البائع بل قصد المشتري بذلك الحطيطة لم يبع حتى يبين ، وإن لم يكن المشتري مستفتيا بل ظهر عليه وادعى الرغبة من البائع ، صدق ، وإن كان الثمن الأول عرضا ; لأنه لا يقبل الحطيطة ، وإن كان أحد النقدين ، وليس عادة البلد طلب الحطيطة صدق أيضا ، وإلا لم يصدق ، وإن اشترى بفضة ونقد ذهبا ولم يتغير الصرف ، أو تغير برخص جاز البيع على ما نقد ولم يبين أو يغيره بغلاء لم يبع على واحد منهما حتى يبين ، فإن باع بما عقد حطه من الثمن حصة ذلك النقد ، وإن نقد عرضا وباع على ما عقد وعلم أن فيه هضيمة كان كالنقد ، ويحط من الثمن الأول قدر ما استظهر به من ثمن الثاني إلا أن يعلم أن فيه غبنا فلا يحط إلا المسامحة ، قال صاحب النكت : إنما جوز ابن القاسم المرابحة على العرض ولم يجعله من بيع ما ليس عندك ; لأنهما لم يدخلا عليه ، وعن ابن القاسم : جواز البيع على ما نقد وإن لم يبين ، بخلاف بيعه على ما عقد ولم يبين ما نقد ; لأن الغالب الوضع فيما نقده ، وسوى ابن حبيب في الجواز ، وظاهر المدونة مجمل ، والذي تقدم [ ص: 175 ] أصوب ، وفي الكتاب : إذا اشترى بطعام ونقد العين ، وإنما يصح إذا كان الطعام جزافا وإلا فهو بيع الطعام قبل قبضه .

                                                                                                                قال صاحب التنبيهات : في كتاب محمد : يجوز البيع على ما نقد ، ولم يبين في الدنانير والمكيل والعروض وغيرها ، وعليه تأول فضل المدونة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا وهب الثمن بعد النقد والافتراق جاز البيع مرابحة ; لأن ذلك ليس إسقاطا ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : لا بد أن يبين ; لأنه موهم عدم المعاينة في أصل العقد فيكون أكثر بغبن فيه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا وهبها ثم ورثها لا يبيعها مرابحة ; لأنه ملك ثان بغير عوض ، فإن ورث نصفها ثم اشترى نصفها فلا يبع نصفها مرابحة حتى يبين ; لأنه إذا لم يبين التبس المبيع بالموروث ، وإذا بين تعين المبيع ، قال صاحب النكت : فإن لم يبين وفات مضى في نصف النصف المشتري : البيع ، والنصف الثاني مما ورث فيه الأقل من قيمتها أو ما يقع له من الثمن والربح ، وللمشتري رد الجميع ، وإذا ابتاع رجلان عروضا ثم اقتسماها فباع أحدهما ما وقع له ، ولم يبين فيما باع نصفه فهو ملكه القديم فيمضي بنصف الثمن ، وما يقابله من الربح ، ونصف الآخر إنما أخذه عرضا عن نصفه الذي صار لصاحبه ، فكأنه اشترى عرضا بعرض ، فيرجع إلى من عقد على عين ، ونقد عرضا فباع ولم يبين ، فينظر ما هو [ ص: 176 ] خير للمشتري على ما تقدم ، قال ابن يونس : اشترط في الكتاب : الشراء بعد الميراث فاحتج به ابن القابسي على التفرقة بين التقديم والتأخير ، وسوى بينهما أبو بكر بن عبد الرحمن لحصول الكذب في ثمن نصف الميراث ، ولو قال : أبيعك النصف الذي اشتريت ولم يبين تقدمه ولا تأخره اتجه قول ابن القابسي ، ويلزمه إذا اشترى النصف أن يبين ; لأنه زاد في النصف الأخير .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : يختلف إذا أخذ عرضا عن دين هل يبيع مرابحة ولا يبين قياسا على ما إذا أخذ شقصا عن دين حال ؟ فقيل : يشفع بالدين ، فعلى هذا ليس عليه أن يبين ، وقيل : بقيمة الدين ، فعلى هذا عليه البيان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا اشترى بعين فقال : اشتريت بعرض ، وبنى على قيمته ، وهي مثل الثمن فأقل : فلا مقال للمشتري ، أو أكثر فمسألة كذب ، فإن باع على أن يأخذ المثل فللمشتري الرد إلا أن يرضى البائع على أن يكون الربح على ما اشترى به ، فإذا رضي نظر إلى قيمة العرض ، فإن كانت مثل الثمن فأكثر لزم المشتري ; لأنه رده إلى مثل ما اشترى به فهو أخف من العرض ونقله ، وإذا كانت قيمة العرض أقل لم يلزمه الرضا بالثمن إلا أن يحط عنه الزائد ، وإن اشترى بعرض ، فقال : اشتريت بعين والعين مثل قيمة العرض فأقل لزم المشتري أو أكثر ، عاد الجواب إلى ما تقدم ، وكذلك إذا اشتريا عدلا فاقتسماه بالتراضي ثم باع أحدهما نصيبه على ما اشترى به ; لأنه نصف ما صار إليه عوضه لصاحبه ، فللمشتري رد الجميع ، إلا أن يكون نصف ما اشترى مثل نصف العين ، فإن فات مضى بنصف الثمن ، وضرب له الربح في النصف الآخر على [ ص: 177 ] قيمة ما نقد إلا أن يكون الذي باع به أقل ، وقال ابن حبيب : إذا تقاوما فله بيع النصف على الثمن الأول ، والنصف الآخر بما دفع فيه لشريكه ، فإن كان أكثر من الثمن ودفعه لدفع ضرر الشركة لم يبع حتى يبين ، وإن كان لارتفاع السوق لم يبين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا اشتراها ثلاثة فتقاوموها فوقفت لاثنين ، فاستوضع الثالث البائع دينارا ، فلهما رد السلعة عليه ، إلا أن يعطيهما نصيبهما من الدينار .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لك بيع جزء من المكيل أو الموزون مرابحة إن كان متماثلا ، وقاله الأئمة ، قال ابن يونس : يريد : وإن لم يبين ، وكذلك بيع ما بقي منه ، بخلاف ما لا يكال ولا يوزن لا يباع ولا بقيته حتى يبين ، وقاله ابن حنبل ، وجوزه ( ش ) بناء على القيمة قياسا على الأخذ بالشفعة بالقيمة إذا باع ما فيه الشفعة ولا شفعة فيه ، وجوابه : أن الشفعة لدفع الضرر فاغتفر فيها ذلك ، ولا ضرورة للبيع مرابحة ، فإن لم يبين فللمشتري الرد ، فإن فات فالأقل من الثمن أو القيمة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا تبع أحد ثوبين اشتريتهما بأعيانهما مرابحة ، ولا تولية بحصته من غير تسميته ، وإن استويا ; لأن ثمن الجملة يخالف ثمن جزئها ، فإن كانا من [ ص: 178 ] سلم جاز قبل القبض وبعده إذا اتفقت الصفقة ، ولم يتجاوز عنه فيها ، إذ لو استحق أحدهما لرجعت بمثله ، والمعين يرجع بحصته من الثمن ، قال ابن يونس : قال ابن عبدوس : فإن لم يبين فللمبتاع الرد ; لأن الجملة يرغب فيها ، فإن فاتت فالقيمة يوم القبض ما لم ترد على الثمن الأول ، ومنع سحنون في السلم وغيره ; لتقارب الثمن في الثوبين ، وأجازه ابن نافع في السلم وغيره .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز جزء شائع مرابحة من عروض ابتعتها معينة ، وكذلك الرقيق ; لأنه بثمن معلوم ، بخلاف رأس بما يقع عليه من الثمن .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا ابتاع نصف عبد بعشرة ، وابتاع غيره نصفه بخمسة ، ثم باعا مرابحة فلكل واحد ما نقل ، والربح بقدره ; لأن الربح يتبع الثمن .

                                                                                                                فإن باعا بينهما نصفا أو بوضيعة فالوضيعة بقدر رأس المال ، قال ابن يونس : الربح بينهما نصفان نظرا لأصل الملك ، قال اللخمي : واختلافهما في الثمن أحسن إذا علم المشتري اختلاف الثمن ، وإن لم يعلم تفاوتهما .

                                                                                                                قال : وأرى إن كان شراؤهما في زمن واحد والسوق على الثمن الأول باعا من غير بيان أو على الثمن الأكثر بينا ، وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا ، وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين ، وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رءوس الأموال .

                                                                                                                [ ص: 179 ] الأول ، باعا من غير بيان ، أو على الثمن الأكثر بينا ، وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا ، وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين ، وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رءوس الأموال .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا بعت مرابحة ثم اشتريت بأقل أو أكثر فلا تبع مرابحة إلا على الثمن الأخير ; لأنه ملك حادث ، وإن قلت : بعت على الثمن الأول ; لأن البيع لم يتم ، قال صاحب النكت : إنما لم يجعل الإقالة بيعا في المرابحة إذا تقايلا بالحضرة قبل انعقاد الثمن والافتراق ، أما إذا نقد وافترقا بيع حينئذ ، قال اللخمي : إذا استقال بأقل أو أكثر جاز البيع على الثاني ، وقال ابن حبيب : لا يبيع إلا على الأول استقال منه أو اشتراه بأقل أو أكثر ، قال : والأول أظهر ، إلا أن تكون عادتهم إظهار بيع حادث ليتوسلوا إلى البيع بأكثر من الأول ، وإنما منع ذلك إن عادت إليه بأقل ، بناء على أنه بقي منه ربح على الأول مثل أن يشتري بخمسة فيبيع بسبعة ثم يشتري بعشرة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا كنت استحططت بائعك خير المشتري منك في أخذها بجميع الثمن وردها إن كانت الحطيطة للبيع ، وإلا فلا ، إلا أن يحط عنه الحطيطة ، وكذلك التولية ، وأما الاشتراك فيخير على الحطيطة لملاقاة الحطيطة لهما ، قال ابن يونس : إن فاتت المرابحة ولم يحط عن المشتري فعليه قيمتها يوم [ ص: 180 ] العقد ، وإن زادت على الثمن بوضيعة ، ولا شيء له من الوضيعة ، وإن كانت أنقص رددت عليه ما نقص إلا أن يكون أكثر من الوضيعة فلا يزاد على الوضيعة ، قال اللخمي : قال عبد الملك : يحط الحطيطة عن المشتري مرابحة وإن كره المشتري الأول .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا ثبت أن الثمن أكثر مما أخبر به خير المشتري بين ردها والتزام الربح على ما يثبت ، فإن فاتت بنماء أو نقص خير المشتري بين القيمة يوم العقد إلا أن تكون أقل مما قاله فلا ينقص منه أو أكثر فلا يزاد عليه ، قال ابن يونس : يصدق البائع مع يمينه إذا كان من الرقم ما يقتضي الزيادة ، وفي الجلاب : إن تراضيا على شيء جاز ، وإلا فسخ البيع ، قال صاحب المنتقى : إذا لم تفت فإنهما بالخيار ; لأن الضرر داخل عليهما ، قال سحنون : يخير المشتري بين الرد والحبس بجميع الثمن ; لأن العقد له ، فإن رد خير البائع بين الرد وبين حط الزائد وربحه ، والفرق بينه وبين العيب إذا حط البائع قيمته : أن السلعة تبقى معيبة وهو لا يرضى بالعيب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا غلط فأعطاه غير ثوبه فقطعه ، له رده ولا شيء عليه في القطع ، بخلاف ما إذا قطعه ثم اطلع على كذب في الثمن ، فالقطع فوت ، والفرق : أن ثوب الكذب لو هلك قبل القبض وثبت ذلك ببينة ضمنه مبتاعه ، ولو هلك ثوب الغلط فمن بائعه ، ولأنه لم تجر فيه مبايعة ، بل البائع مسلط [ ص: 181 ] والمرابحة بينهما حوالة الأسواق ، فأولى القطع .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية