الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فائدة في الجواهر : كل من غسل ثوب غيره ، أو حلق رأسه ، أو أدى دينه من [ ص: 453 ] غير استدعاء ، وكل عمل يوصل للغير نفع مال أو غيره ، بأمره أو بغير أمره ، فعليه رد مثل ذلك المال في القيام بالمال ، ودفع أجرة المثل في العمل إن كان لا بد من الاستئجار عليه . أو لا بد من إنفاق ذلك المال لحصول الإذن العادي ، وإن كان يفعل ذلك بنفسه أو غيره أو ومال سقط مثله عنه فلا شيء عليه ، والقول للعامل والمنفق في عدم التبرع ; لأن الأصل : بقاء الملك على المال والشفعة وبدلهما ، ونقل هذه القاعدة صاحب النوادر ، وقد أشار إليها ابن يونس هاهنا ، و ( ش ) ينازعنا فيها ; لأن القول عنده شرط في الحمالة والكفالة والإجارة والبيع ، ونحن نعتمد على العوائد ، فإن لسان الحال يقوم مقام لسان المقال ، ووافقنا على القاعدة في تفاصيل الإجارة وتعيين النقود ، إذا أطلقت في العقود ، وتقييد الأقارير المطلقة ، فنقيس على هذه الصورة ونمنع اعتبار ما ذكره من التوقف ، بل المعهود في حالة السلف عدم هذا التضييق .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : إذا قال : سرقته ، وقال الصانع : استأجرني عليه ، قال ابن القاسم : يتحالفان ، ثم يدفع الصانع قيمة المتاع بغير عمل فإن أبى كانا شريكين بقيمة المتاع وقيمة العمل ، وقال غيره : العامل مدع ولا يشتركان . فإن صاغ سوارين ، وقلت : خلخالان ، صدق ; لأنك تدعي عليه الضمان ، وله أجرة المثل ، إلا أن يزيد على ما سمى فلا يزاد لرضاه بالمسمى ، وإذا قال : عملت الخلخال بخمسة ، وقلت : بثلاثة ، أو القميص بأربعة ، وقلت بدرهمين ، صدق ، بخلاف بناء البيت يصدق ربه ; لأنه جائز لذلك إلا أن يدعي ما لا يشبه ، والصانع حائز لعمله فيقدم قوله كدعوى الأعيان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : القول قول الصانع في عدم أخذ المتاع للعمل ، وقولك في عدم الرد [ ص: 454 ] إذا ثبت الأخذ ، عمل بأجر أم لا ، قبض ببينة أم لا ; لقوله - عليه السلام - : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) وقال عبد الملك : يصدق الصانع في الرد لأنه أمين ، إلا أن يقبض ببينة فيكون الرد بغيرها على خلاف العادة فيصدق في المالك ، قال صاحب المقدمات : في الرد مع الإشهاد أربعة أقوال : يصدق في القراض والوديعة والإجارة ، رواية أصبغ ، عكسه قول ابن القاسم ، الفرق بين القراض والوديعة فلا يصدق ، وبين الإجارة فيصدق ، والفرق بين الوديعة فلا يصدق وبينهما فيصدق ، وحيث صدق حلف ، وأما في الضياع فلا يحلف إلا المتهم على مذهب ابن القاسم ، وعن مالك : يحلف المتهم وغيره ; لأنها دعوى توجهت عليه ، ولا يفرق في الضياع بين القبض ببينة أم لا ، لأن القبض ببينة إنما أثره حث القابض على الدفع ببينة ، وكل موضع لا يصدق في الضياع لا يصدق في الرد إلا في الصناع ، فإن عبد الملك يصدقهم في الرد إلا أن يشهد عليهم بالدفع ، وإن كانوا لا يصدقون في الضياع ، وقول مالك وجميع أصحابه : لا يصدقون فيهما ، وحيث ضمنا الصانع فالقيمة يوم القبض ، إلا أن يعترف أن قيمته يوم الضياع أكثر ، أو يظهر عنده بعد الدفع إليه بمدة ، فالقيمة يوم الظهور ، وإن كانت أقل من يوم الدفع ، وكذلك الرهن والعارية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قلت : أمرتك بأسود ، وقال بأحمر ، صدق إلا أن [ ص: 455 ] يكون صبغ مثله ; لأنه مدعى عليه الضمان ، قال ابن يونس : إذا صدق رب المتاع خير بين أخذه مصبوغا ودفع أجره ، وبين إسلامه له وأخذ قيمة ثوبه أبيض ، إلا أن يريد الصباغ إسلام صبغة بغير ثمن فذلك له ، فإن أبى أشرك بينهما بقيمة الثوب أبيض وقيمة الصبغ .

                                                                                                                قال صاحب النوادر : الاختلاف في الصبغ مثله في الحائك إذا اختلفتما في العرض والطول بخلاف البناء يبني لك عرضه ، يتحالفان ويفسخ ذلك ويقلع بنيانه ، إلا أن يعطى قيمته مقلوعا ، والفرق : أن البناء غير ضامن لعمله بخلاف الصابغ ، قال محمد : والتحالف والتفاسخ قبل العمل في جملة الصناع ، وإنما يصدقون بعد العمل ، ولا يصدق البناء في الأجرة بخلاف غيره .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية