الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : أجاز مالك إجارة شهرين : شهر بخمسة ، وشهر بثلاثة ; لأن كل شهر بأربعة إلا أن يريد لكل شهر ما سمى لتقع عليه المحاسبة عند المرض أو الموت ; لأنه يتعين في بيعه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أراد الصناع أو الأجراء تعجيل الأجرة وخالفتهم حملتها على العادة ، فإن فقدت لم يقض بها إلا بعد العمل ; لأنها أحد العوضين ، كثمن البيع لا يستحق إلا بعد تسليم المبيع ، وأما في الدار والراحلة وبيع السلع فيقدر ما مضى ; لأن المدد والرواحل والسلع في حكم المبيع المتعددة ، وليس للخياط بقدر ما خاط من القميص ; لأنه لم يأخذه على ذلك ، قال اللخمي : إذا ضاع بعد تمام الخياطة : قال ابن القاسم : لا أجرة له ، فعلى هذا لا يستحق بخياطة بعضه شيئا لعدم التسليم ، وقال مالك : له الأجرة فيكون له من [ ص: 386 ] الأجر بقدر العمل ، إلا أن تكون مقاطعة ; لأنه لو هلك بعد العمل لم يكن له شيء ، قال ابن يونس : ، كره مالك نقد الكراء في السفن ; لأنها لا تجب إلا بعد البلاغ ، وجوزه ابن نافع ، وقال : له من الكراء بحساب ما بلغ ، فإن عطب قبل الإقلاع وادعيت النقد صدق عليك ; لأن الأصل عدمه ، ولا يشهد بعضهم لبعض للتهمة ، وقيل : يجوز كما في الطريق . وفي الجواهر : لا يتعين تعجيل الأجرة بالعقد ، لكن بالشرط أو العادة ، أو يقارن العقد ما يوجب التقديم ، أو يستلزم التأخير محذورا في العرض المعين ، والطعم الرطب ونحوها ، وإلا فلا يستحق إلا بالتمكين من استيفاء ما يقابل ذلك الجزء ، قال الشيخ أبو الحسن : كلما استوفى منفعة يوم وجب عليه أجرته ، ووافقنا ( ح ) ، وقال ( ش ) ، وأحمد : تملك بالعقد لا لثمن في المبيع ، ولأن العقد سبب لملك العوضين ، والأصل : ترتب المسببات على أسبابها ، لنا ما رواه ابن ماجه قال - عليه السلام - : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) فدل على أن الاستحقاق بعد العمل ، ولقوله تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) والفاء للتعقيب ، ولأن تسليم المنفعة شيئا فشيئا فتكون الأجرة كذلك تسوية بين العوضين ، وبه يظهر الفرق بين الإجارة والبيع والنكاح ، بل ينقلب قياسهم فتقول : لم يسلم أحد لعوضين فلا يجب عليه تسليم الآخر كالبيع ، وينبني على هذا المدرك فرعان : أحدهما : أن المنفعة هل تحدث على ملك الأجير ، وقاله ( ح ) ، وهو مقتضى أصولنا ، أو على ملك الآخذ ، وقاله ( ش ) وأحمد ، وثانيهما كما قال ( ح ) : أن الأجير لا يستحق الأجرة إلا بأحد ثلاثة أشياء : الاستيفاء ، أو الشرط ، أو التعجيل ، قال : إذا أعتق رب الدار العبد المستأجر به ، لم ينفذ عتقه لعدم ملكه بالعقد ، فإن عجله له نفذ العتق ، ولو لم يقبض العبد [ ص: 387 ] حتى سكن شهرا من المدة ، عتق ، على رب الدار حصة الشهر . وعلى المؤجر الباقي ، قال صاحب الجواهر : إن استأجر بعرض معين ، والعرف التأخير فسد العقد عند ابن القاسم إلا أن يشترط التقديم ، وصح عند ابن حبيب ; لأن العرف الفاسد لا يعتبره الشرع ، وهو أصل مختلف فيه بين ابن القاسم والمدنيين ، ويكفي في الاستيفاء التمكن ، وإن لم يستوف ، وقاله الأئمة ، كما لو سلم له المبيع فتلف عنده .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية