الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز استئجار نصب مرحاض بخلاف مسيل ميزاب ; لأن المطر يقل ويكثر ، وفي النكت : جوابه لافتراق السؤال ، وهما سواء ، وإنما يمنع مسيل الماء إذا اشترى من جاره ما ينزل من ميزابه ، بخلاف أن يقول : لك كذا على أن يسيل الماء من داري إلى دارك ، يجوز كالمرحاض بخلاف الأول ; لأنه بيع مجهول ، وقيل : بالفرق بين الأمر اليسير فيمتنع ، والكثير فيجوز ; لأن الغالب نزول المطر فيه .

                                                                                                                [ ص: 422 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : تجوز على القتل والقصاص كإجارة الطبيب للقطع والبط . . . ، وأما لغير التأديب فلا ; لأن المنفعة محرمة ، وإن أجره على قتل رجل ظلما فقتله فلا أجرة له ; لأن المحرم لا قيمة له شرعا ، وعليه القصاص ، ويؤدب المستأجر على المحرم ، ووافقنا الأئمة في ذلك إلا ( ح ) في قصاص النفس ; لأن زهوق الروح غير منضبط الضربات في العدد ، فهو مجهول ، بخلاف الأعضاء ، لنا : قوله تعالى : ( كتب عليكم القصاص ) ومن لا يحسن لا يتعين على الناس التبرع له فتتعين الإجارة ، وقياسا على ذبح الشاة ، وعلى الأطراف ، قال عبد الوهاب في الإشراف : والأجرة على المقتص ; لأن المنفعة له ، والواجب على الجاني إنما هو التكمين ، قال ابن يونس : يريد بالقصاص : إذا ثبت بحكم حاكم عدل ، وفي كتاب محمد : على المستأجر لقتل الظلم ضرب مائة وحبسه سنة ، ولو قال : اقتلني ولك ألف درهم فقتله : قال سحنون : اختلف فيه ، والأحسن ضربه مائة ، حبسه سنة . ويبطل الجعل لتحريم المنفعة ، وقال محمد بن عمرو : للأولياء قتله ; لأنه حق لهم دون المقتول ، ولو قال : اقتل عبدي ولك كذا ، أو بغير شيء ، يضرب القاتل مائة ، ويحبس سنة ، والصواب : عدم القيمة لوجود الإذن ، وقيل : هي للسيد عليه ، قال اللخمي : لا يستأجر للقتل والجراح إلا من يأتي بذلك على وجهه من غير عيب ولا تمثيل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : استئجار الطبيب على العلاج هو على البرء ، إن برئ له [ ص: 423 ] الأجرة وإلا فلا ، إلا أن يشترطوا ما يجوز كالكحال الشهر أو كل يوم بدرهم فيجوز إن لم ينقده ; لأن البرء قد يتعجل فيكون تارة بيعا وتارة سلفا ، فإن برئ قبل الأجل أخذ بحسابه ، واشترط ( ش ) في الكحال : الزمان المحدود لتكون المنفعة معلومة ، فإن استأجره وهو صحيح يكحله كل شهر بدينار فله النقد ; لأنه لا يتوقع فيه الرد ، ويلزمهما تمامه ، قال ابن يونس : قال سحنون : أصل إجارة الطبيب : الجعالة ، فلذلك لا يضرب أجلا قبل ، ويكون الدواء من عند العليل كاللبن والجص في بناء الدار ، وإلا فهو غرر إن لم يذهب داؤه باطل ، ويدخله بيع وجعل ، وهو ممنوع ، وجوز ابن حنبل الأمرين لضرورة الناس لذلك بالعجز عن عمل الأمراض والأكحال ، قال ابن القاسم : إن شرط إن لم يبرأ دفع ثمن الأدوية امتنع ، وفي الجلاب : قيل : لا يجوز على البرء ، والقرآن على الحذاق إلا مدة معلومة ، كقول ( ش ) ، وهو قول ابن حبيب ، قال اللخمي : يجوز اشتراط الطبيب من الأجرة ما الغالب أن البرء لا يحصل قبله ، واختلف في عمله على الجعالة ، وحيث جوزناه فترك قبل البرء فجعل لآخر جعلا على البرء : فهل يكون للأول بقدر ما انتفع أم لا قياسا على المساقاة إذا عجز قبل العمل ؟ وعن مالك : إجازة أن يكون الدواء من عند الطبيب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع للخدمة شهرا بعينه على أنه إن مرض قضاه عملا في غيره ; لاختلاف أيام الشتاء والصيف .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تجوز إجارة العبد خمس عشرة سنة ، وهو في الدور أبين [ ص: 424 ] للوثوق ببقائها ، وقاله ( ح ) وأحمد ، وقال ( ش ) : لا يزاد على سنة أو ثلاثين سنة في العقار ، قولان له ، ومنشأ الخلاف : النظر إلى الوثوق ، وعدمه ، ولنا قوله تعالى : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ) وفي الكتاب : تجوز في الدور والرقيق عشرين سنة . والموصى له بخدمة العبد له إجارة ذلك ، وقال غيره : تمتنع إجارة العبد السنين الكثيرة لسرعة تغير الحيوان ، فيكون في الدواب أشد ، قال ابن يونس : وفي الكتاب : للموصى له بخدمة عمره أن يؤخره عشر سنين بالنقد وإلا جاز ; لأنه كلما عمل أخذ بحسابه ، قال اللخمي : الإجارة تختلف باختلافها بالأمن . فآمنها : الأرض ، ثم الدور ، ثم العبيد ، ثم الدواب ، ثم الثياب ، فيجوز في الدور أربعين سنة بغير نقد ، وبالنقد إن كانت جديدة ، وكذلك الأرض المأمونة الشرب ، ويجوز في القديمة بحسب ما يظن سلامتها ، وأجاز في كتاب محمد في العبد عشرين سنة بالنقد ، قال : وأرى أن ينظر لسن العبد ، فيجوز في سن العشرين : عشرون ، ويمتنع في الصبي ; لأنه لا يعلم حاله عند البلوغ ، وكذلك الكبير ; لأن حال الهرم تختلف ، وكذلك يختلف في الحيوان . معمرة ، كالبغال أكثرها أجلا ، ثم الحمير ، ثم الإبل ، وكذلك الملابس ، يجوز في الجميع المأمون .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أجر للخدمة ليستعمله على عرف الناس جاز ، ولا يجوز أن يشترط : إن سافر أو زرع استعمله للجهالة ، قال ابن يونس عن ابن القاسم : [ ص: 425 ] يجوز أن يشترط : إن احتاج إلى سفر شهرين في السنة سافر معه لخفة ذلك ، وعنه : المنع للجهالة ، ولا يشترط عليه عملين متباعدين كحراسة الكرم وخدمة البيت ; لأنه في معنى تحويل دين في دين ، وجوز محمد أن يشترط في شهر من السنة معين عملا آخر يسميه ، وجوز ابن حبيب إجارة شهرين كل شهر بعمل يسميه ، أو يؤجره شهرا أو عاما قيل أمره على عمل آخر خلافه في الشهر الثاني بناء على تقارب العمل كأنها إجارة ، ويمتنع ما يتباعد كمن استأجر على عمل لا يشرع فيه إلا بعد شهر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : المستأجر على بناء الدار عليه الآلة والماء على مقتضى العادة ، وعلى حافر القبر ردمه ، وكذلك نقش الرحا ونحوه ، وقاله الأئمة ، فإن فقدت العادة فعلى رب الدار ; لأن اللفظ لا يقتضي إلا العمل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز على حفر بئر يصف موضعها وعمقها إن كانت الأرض معلومة الحال وإلا فلا ; لأن باطنها قد يكون صلبا ، وكذلك فقر النخل على أن يبلغ الماء ، ويجوز على إخراج الماء في الأرض المتقاربة وإلا فالمزارعة .

                                                                                                                فائدة : قال صاحب التنبيهات : فقر النخل : إبارها ، بضم الفاء ، وأحدها فقير ، وهو أيضا حفير يعمل حول النخل يجتمع فيه الماء .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز كراء الدابة ليركبها أو يطحن عليها ، وإن لم يذكر ما يطحن ، ويحمل ذلك على العادة ، فإن لم تكن عادة فسد ، وكذلك دواب [ ص: 426 ] الحمل ، ويحمل بقدر القوة إن كانت لمالك واحد ، وإن كانت لملاك وحملها يختلف امتنع ، كجمع السلع في البيع للجهل بما ينوب كل واحد من الأجرة . قال صاحب التنبيهات : إذا لم يسم ما يحمل على الدابة جوز إذا كانت عادة ، وقال غيره : إن سمى طعاما أو بزا جاز ، وإن قال : أحمل عليها ما شئت ، امتنع ، ويحمل على الوفاق أي عادتهم معرفة الجنس فلا يضر جهل المقدار ، وهو ظاهر الكتاب : وقيل : خلاف ، والعادة إنما هي في المقدار ، ووافقنا الأئمة في الإطلاق والحمل على العادة في الدار والدابة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية