الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 212 ] النظر الثالث : في وضع الجوائح

                                                                                                                وهي من الجوح ، قال صاحب ( الصحاح ) : الجوح بسكون الواو : الاستئصال ، جحت الشيء أجوحه ، والجائحة هي الشدة التي تجتاح المال في فتنة أو غيرها ، ويقال : جاحته الجائحة وأجاحته بمعنى ، وكذلك جاحه الله وأجاحه واجتاحه إذا أهلكه بالجائحة ، وفيه ثلاثة فصول : في حقيقتها وقدرها ومحلها .

                                                                                                                الفصل الأول :

                                                                                                                في حقيقتها المرادة في الثمار ، ففي ( الجواهر ) : قال ابن القاسم : هي ما لا يستطاع دفعه إن علم به ، فلا يكون السارق جائحة على هذا ، وجعله في ( الكتاب ) جائحة ، وقال مطرف وعبد الملك : هي الآفة السماوية كالمطر وإفساد الشجر دون صنع الآدمي ، فلا يكون الجيش جائحة ، وفي ( الكتاب ) : جائحة ، وفي ( الكتاب ) : الجائحة الموضوعة : كالجراد والنار والريح والبرد والغرق والطير الغالب والدود وعفن الثمرة والسموم ، قال اللخمي : قال ابن شعبان الريح ليس بجائحة قال وأرى إن أصابها ذلك له الرد بالعيب ، أو يتمسك ولا شيء له ، وكذلك السموم ، وإن لم يسقط منه شيء ، وإن أفسد الثلث وأعاب الباقي كان له الرجوع بالهالك ، ويخير في الباقي ، وكذلك الغبار ، واختلف إذا أسقطها الريح ولم تتلف ، قال ابن شعبان : جائحة ، وقال عبد الملك : ليس بجائحة لبقاء عين الثمرة ، وقيل : يخير كالعيب ، واختلف في الماء يباع يسقى به مدة معينة فينقص عن ذلك ، قيل : من البائع قليله وكثيره ; لأن السقي مشترى ، وقيل : إن كان أقل من الثلث لم يحط عنه شيء ; لأن الماء المحصور يتوقع المشتري نقصه كما يتوقع نقص الثمرة ، قال ابن يونس : لو مات دود الحرير كله ، أو أكثره والورق لا يراد له : الأشبه أنها [ ص: 213 ] جائحة ، كمن اكترى فندقا فخلا البلد لتعذر قبض المنفعة ، قال : وكذلك عندي لو انجلى أهل الثمرة عنها ، ولم يجد المشتري من يبيعه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية