البحث الثاني : في محله . 
وفي الجواهر : كل ما جاز سلما في الذمة جاز قرضه إلا الجواري    . وفي الكتاب : يجوز قرض كل شيء إلا الجواري ; لأنه لا تعار الفروج للوطء ، ومنعه ( ح ) في غير المكيل والموزون لتعذر المثل عند الرد في غيرهما . لنا : الحديث المتقدم ، والقياس على السلم بطريق الأولى ، ولأن المعروف يسامح فيه أكثر من غيره ، وقد جوز في القرض بالنسيئة بخلاف السلم . 
نظائر : قال  سند     : يجوز القرض إلا في ستة : الجواري ، والدور ، والأرضين ، والأشجار ; لأن مواضعها مقصودة ، فإن عينت لم تكن في الذمة ، وإلا بقيت مجهولة ، وتراب المعادن ، وتراب الصواغين ; لتعذر معرفة مقدار المقصود منه حتى يرد المثل على صفته كان مثليا أم لا ، وقال بعض الشافعية : يرد في غير المثلي القيمة قياسا على الإتلاف ، وجوابه : الحديث المتقدم ، والفرق بأنه مبني على المسامحة : دليله جواز ربا النسيئة ، ووافقنا ( ش ) و ( ح ) في الجواري ، وعن جماعة : جواز قرضهن قياسا على السلم ، والفرق ما تقدم ، وعن   ابن عبد الحكم     : الجواز إن شرط رد غير المقرضة حتى لا يرد موطوءته ، وجوابه : أنه شرط مناقض للعقد فيمتنع ، قال  اللخمي     : يجوز قرض الجواري إذا كن في سن من لا توطأ ، أو المقترض لا يبلغ الالتذاذ إذا اقترضها له وليه ، أو هو امرأة أو ذو رحم كان منها أو محرم عليه وطؤها لقرابة المقرض إذا كان أصابها . وفي الجواهر : أكثر المشايخ على أن الجواز من   [ ص: 288 ] ذي الرحم ليس بخلاف ، وحكاه عن   ابن عبد الحكم  ومنعه الشافعية مطلقا ; لأن فائدة القرض الملك ، وفائدة الملك الوطء وهو ممنوع هاهنا فيبطل لبطلان غرضه . وجوابهم : أن فائدة الملك أعم من هذا كشراء محرمة الوطء ، قال  سند     : فإن وقع القرض الممنوع ردها ما لم يطأها فتلزمه القيمة عند  مالك  ويردها وقيمة الولد إن حملت عند ( ش ) لعدم الملك ، وجوابه : أن البطلان إنما كان خشية الوطء ، فإذا وقع فلو ردها وقع الممنوع بخلاف ردها بالعيب بعد الوطء ; لأن عقد البيع لم يقع على رد مثلها ، وحيث قلنا : يردها فتعذرت ، رد مثلها ، إن قلنا : إن القرض قائم بنفسه ، وإن الفاسد يرد إلى الصحيح في كل باب وقيمتها إن رددنا القرض للبيع لأنه مستثنى منه ، وكل مستثنى من أصل فهي رد فاسده لصحيحهما ، ولصحيح أصله قولان كالإجارة والمساقاة ، وإذا أوجبنا القيمة لم تجب قيمة الولد ، بخلاف ولد الغارة لشبهة الخلاف والرضا هاهنا ، فكأنه وطيء مملوكته . فالولد هاهنا يستند إلى الملك ، وفي الغارة إلى حصول الحمل على ملك الغير ، وفي الجواهر : أكثر المتأخرين على رده إلى البيع الفاسد ، وروي عن  ابن محرز     : لا يؤاخذ المقترض بغير ما دخل عليه ، فيباع المقترض ويعطى له إن كان مساويا للقيمة أو ناقصا عنها ، فإن زاد عليها وقف الزائد ، فإن طال وقفه تصدق به عمن هو له ، قال بعضهم : وهذا يجري في مسألة الجارية . 
فرع : ، 
قال  اللخمي     : يجوز قرض جلود الميتة بعد الدباغ ; لأنه ليس بيعا . 
 [ ص: 289 ] فرع 
قال  سند     : يمتنع قرض فدان بفدان للجهالة ، وكذلك رطب بيابس . 
فرع 
قال ظاهر الكتاب يقتضي جواز سلم رطل خبز إذا لم يعين نوعا للقضاء ، وعلى قول بأنه لا يباع الخبز بالخبز إلا باعتبار تماثل الدقيق يمتنع ، وقاله  التونسي     : لاختلاف النضج بالرطل الناضح أكثر دقيقا إلا على القول بالتحري في الدقيق فيجوز على التحري ، قال : خبز التنور والملة جنس واحد ، يقضي بعضه عن بعضه ، ويجوز قضاء ما هو أكثر دقيقا مثل دقيق الأول في الجودة أو أعلا ، بخلاف ممن اقترض إردب دقيق فرد إردبا وويبة ، منعه  ابن القاسم  لأنها زيادة منفصلة ، والزيادة هاهنا متصلة إذا اعتبر الخبز في نفسه ، فإن اعتبر الدقيق امتنع ; لأنها زيادة منفصلة إذ يمكن كسر الخبز ، كما لو اقترض رطل لحم فقضاه قطعة رطلين ، منعه  ابن القاسم     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					