القسم الحادي عشر : الاختلاف في دعوى الخيار والبت  ، ففي الجواهر : قال  ابن القاسم     : يصدق مدعي البت لأنه الأصل في العقود ، وعن  أشهب     : مدعي الخيار ; لأن الأصل عدم انتقال الملك ، وبنى المتأخرون هذا الخلاف على تبعيض الدعوى . 
تنبيه : قال صاحب الجواهر : تقسيم الاختلاف إلى هذه الأقسام هو طريق المتأخرين ، أما غيرهم : فقال  القاضي أبو الحسن     : إذا اختلفا في مقدار الثمن أو المثمن أو التأجيل أو النقد أو الخيار فقال : لي ، وقال الآخر : بل لي ، أو اشترط الرهن أو الحميل ففي ذلك كله ثلاث روايات ، وحكى الروايات المتقدمة في اختلاف الثمن إلا رواية البينونة مع القبض ، ووافقه  الأستاذ أبو بكر  ، وجعلا هذه الأقسام واحدة . 
قواعد : يقع التعارض بين الدليلين والبينتين والأصلين والظاهرين ، والأصل والظاهر  ، ويختلف العلماء في جميع ذلك بالترجيح والتسوية فالدليلان : كقوله تعالى : ( إلا ما ملكت أيمانكم    ) . يتناول الجمع بين الأختين في الملك ، وقوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين    ) يقتضي المنع ، والبينتان ظاهر . والأصلان : نحو : العبد الآبق هل تجب زكاة فطره أولا ؟ لأن الأصل   [ ص: 329 ] حيازته ، ولأن الأصل براءة الذمة ، والظاهر : إن كان اختلاف الزوجين في متاع البيت ، ولكل واحد منهما يد ظاهرة في الملك ، وكشهادة عدلين على رؤية الهلال في الصحو ، فالظاهر : صدقهما للعدالة ( والظاهر : كذبهما لعدم رؤية أهل المصر له ) والأصل والظاهر ، كالمقبرة القديمة ، الظاهر تنجيسها فتحرم الصلاة فيها للنجاسة ، والأصل : عدم النجاسة ، وكاختلاف الزوجين في النفقة والكسوة ، وقد تقدم بسط هذه القواعد في مقدمة الكتاب ، وعليها يتخرج اختلاف المتبايعين ، فإذا اختلفا في جنس المثمن تعارض أصلان ، وإن أتيا بما لا يشبه ، تعارض ظاهران : دعوى الخيار والبث ، تعارض أصل وظاهر ، وترد الفروع في الاختلاف على هذه القواعد . 
قاعدة : في ضبط المدعي والمدعى عليه حتى يتعين المدعى عليه فيصدق مع يمينه ، والمدعي فلا يصدق إلا ببينة ; لقوله - عليه السلام - في الموطأ : ( لو أعطي الناس بدعواهم لادعى قوم على قوم دماءهم وأموالهم ، لكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر   ) ، وليس المدعي هو المطلوب اتفاقا ، بك كل من عضد قوله عرف أو أصل فهو مدعى عليه ، وكل من خالف قوله عرف أو أصل فهو مدع ، فالمودع يقبض ببينة فلا يقبل قوله في الرد إلا ببينة ، فإن ادعى الرد بغيرها فهو مدع ، وإن كان مطلوبا منه لا طالبا ، وكذلك دعوى الوصي في إنفاق المال على خلاف العرف والأصل ، نحو دعاوي الديون والإتلافات ، فإن الأصل براءة الذمم ، وهذا معنى قول الأصحاب : المدعى عليه أقوى المتداعيين سببا ، فعلى هذه القاعدة أيضا يتعين من يصدق مع يمينه   [ ص: 330 ] ممن لا يصدق .   
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					