فرع 
في الكتاب : إذا قلت : أودعتك ، وقال : استأجرتني على صبغة  ، صدق ; لأنهم يشهدون في العادة ، ولو جوز هذا لذهبت أعمالهم ، وقال غيره : بل الصانع مدع ، قال  اللخمي     : أصل   سحنون     : تصديق الصانع في طرح العداء ، وتصديق الآخر في طرح التسمية ، ويكونان شريكين ، والأول أظهر ; لأن الغالب : الاستصناع ، والإيداع نادر ، وكذلك الاختلاف إذا أراد التضمين بالتعدي ، وإلا إن كانت أجرة المثل مثل المدعي فأكثر دفعها ، دفعتها   [ ص: 444 ] بغير يمين ، وإن كانت أقل : فعند  مالك     : يحلف الصانع ويأخذ المسمى ; لأنه ادعى ما يشبه ، وعلى قول الغير : تحلف أنت وتدفع أجرة المثل . 
فرع 
في الكتاب : إذا قلت : سرق مني ، وقال : استعملتني  ، تحالفتما ، وتدفع أجرة العمل وتأخذ لحصوله لك ، فإن أبيت دفع قيمة الثوب غير معمول لحصوله له ، فإن أبيتما كنتما شريكين بقيمة الثوب غير معمول ، وقيمة العمل ، إذ ليس أحدكما أولى من الآخر ، وكل واحد منكما مدع ، وقال غيره : العامل مدع ، ولا يكونان شريكين ; لأن الأصل : بقاء سلعتك لك سالمة من الشركة ، قال  ابن القاسم     : وكذلك إن ادعيت أنه سرقه إلا أنه هاهنا إن كان لا يشار إليه بذلك عوقبت وإلا فلا ، قال صاحب النكت : إذا قلت : سرق مني واخترت أخذه وإعطاء قيمة الصبغ وهي مثل دعواه أو أكثر ، لا يمين عليك ، أو أقل حلفت : ما دفعته إليه ; لتسقط الزائد ، ويؤدي القيمة ، وإن اخترت التضمين ، واختار إعطاءك قيمته بغير صبغ ، فلا يمين عليكما ، وإن أبى تحالفتما وكنتما شريكين ، هذا على مذهب  ابن القاسم  ، وعلى قول الغير في جعله مدعيا : تحلف أنت وتلزمه قيمة الثوب ، قال  ابن يونس     : إذا قلت : سرق مني ، وقال : استعملتني ، يقال له : ما تريد ؟ فإن أردت تضمينه حلفت : ما استعملته ، ثم يحلف : لقد استعملتني ويبرأ من الضمان ، ثم يدفع قيمة الصبغ لأنك برئت من المسمى بيمينك ، فإن أبيت دفع إليك قيمة الثوب ، فإن أبى كنتما شريكين ، وإن قلت أولا : لا أريد أخذ ثوبي ، وقيمة الثوب مثل دعوى الصانع فأكثر فلا أيمان بينكما ; لأن الصبغ لا بد منه ، وإن كانت أقل حلفت وحدك لتحط الزائد ، فهذا جواب : سرق مني : وأما : سرقته ، فأنت   [ ص: 445 ] مدعي التعدي ، فتحلفان ; ليتعين الضمان ويبرأ منه الآخر . 
فرع 
في الكتاب : إذا اختلفا قبل السير أو بعد سير لا ضرر فيه  ، فقلت : إلى إفريقية  بمائة ، وقال : إلى برقة بمائة تحالفتما وتفاسختما كالبيع ، نقدت الكراء أم لا ، وقال غيره : إذا انتقد ، وكان قوله يشبه ، صدق مع يمينه ; لأنه مدعى عليه ، وإن اختلفا في المسافة  فقط ، فقال : إلى برقة ، وقد بلغتها ، وقلت : إلى إفريقية ، وقد انتقد فهو مصدق ; لأنك تدعي عليه غرم بقية الكراء إن أشبه أن يكون الكراء لبرقة ذلك ، وإن لم يشبه إلا قولك ، فله حصة مسافة برقة على دعواك بعد تحالفكما ، ولا يلزمه التمادي ، وأيكما لم يحلف قضي لمن حلف ، ويقضى بأعدل البينتين ، فإن تكافأتا : قيل للمشتري : افسخ الكراء ، وقال غيره : يقضى بما زاده أحدهما ، وليس بساقط ، قال  ابن يونس     : اختلافهما كاختلاف المتبايعين كما تقدم في البيوع ، قال  محمد     : يبدأ صاحب الدابة باليمين ، فإن اختلفتما بعد طول السفر في المعينة ، أو بعد طول المدة في المضمون  صدقت في الأجرة إن لم تنقد وقلت ما يشبه . ويغرم حصة ما مضى ، وصدق المكري في المسافة وكانت في القرب سلعتاكما بأيديكما لم تفت ، ومع البعد كفوت السلعة بعد القبض ، وعلى أصل  ابن القاسم     : إن أشبه قول المكتري صدق ، انتقد أم لا ، وإن لم يشبه قول أحدهما : تحالفا وله كراء المثل فيما مضى ، وأيكما نكل قضي لمن حلف ، قيل : ولو اختلفا بعد سير نصف الطريق من برقة وبعد النقد   [ ص: 446 ] صدق المشتري إذا أشبه ، وتبلغه برقة ; لأن التفاسخ هناك ضرر بخلاف سكنى الدور ولو لم ينقده لأتم له أيضا المسافة بما أقر به المكتري أنه الكراء إلى إفريقية ، قال  محمد     : إذا قال : للمدينة  بمائة ، وقلت : إلى مكة  ، وقد نقدته مائة ، وبلغتما المدينة  ، تحالفتما وفسخ ما بقي ، ولا يكون له غير ما قبض إلا أن يكون في الحج فعليه التمادي ; لأن العادة فيه الكراء كذلك ، قال  مالك     : كان المحمول رجلا أو أحمالا ، وعن  ابن القاسم     : يصدق المكتري في الحج في الحمولة والزوامل ، ويصدق المكري في الأعكام مع يمينه إذا انتقد ، وإن اختلفا بعد تعين الضرر في الرجوع قبل المدينة  فقال : للمدينة  بمائتين ، وقلت : إلى مكة  بمائة ، وقد نقدت وهو في غير الحج ، وأشبه ما قلتماه : نضت المائتان على قول المكري ، فإن وقع لما سار بمائة فأكثر لم يكن للجمال غير المائة ; لأنه قبضها فيصدق في حصتها ، ويتحالفان ويتفاسخان ، فإن وقع لما سار أقل ألزم الجمال التمادي إلى ما ينوب المائة استحبابا ، ويتحالفان ويتفاسخان ( وإن لم ينقده وأشبه ما قال لزم الأول التمادي إلى المدينة ; لأنه اعترف أن الكراء إليها ، وله حصة ذلك من الكراء على دعوى المكتري ، ويتحالفان ويتفاسخان ) في البقية . وهو ظاهر قول  أبي محمد  ، وقول غير  ابن القاسم  في المدونة ، وعن  ابن القاسم     : يتحالفان ويتفاسخان بالموضع الذي يدعيان إليه ، وله حصة ذلك على دعوى المكتري ; لأن سلعة الجمال الذي بقي من المسافة بيده ، إلا أن لا يجد كراء هناك فيلزم التمادي على القولين ، وإن نقده خمسين واختلفا بعد بلوغ المدينة نضت المائة على دعوى المكتري ، فما وقع للمدينة أكثر من خمسين أو أقل لم تنقص من خمسين ، ويتحالفان ، قال صاحب النكت : إنما ينفع النقد المكري إذا اختلفا في الكراء والمسافة جميعا دون الاختلاف في الكراء فقط ; لأنه إذا بلغ المسافة   [ ص: 447 ] فالكري مدع للزيادة ، فعليه البيان ، وغير  ابن القاسم  يفرق بين المضمون فيتفاسخان ، وعند  ابن القاسم     : لا يتفاسخان حتى يبلغا المدينة التي اتفقا عليها ، وشبه المضمون إذا قبض بالمعين ، ولو هلكت في المضمون اتفق القولان في التفاسخ ; لعدم الحوز بالهلاك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					