الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 214 ] آ. (30) قوله تعالى: خيرا : العامة على نصبه، أي: أنزل خيرا. قال الزمخشري : "فإن قلت: لم رفع الأول ونصب هذا؟ قلت: فصلا بين جواب المقر وجواب الجاحد". يعني أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا، وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفا مفعولا للإنزال فقالوا: خيرا، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا: هو أساطير الأولين، وليس هو من الإنزال في شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وزيد بن علي: "خير" بالرفع، أي: المنزل خير، وهي مؤيدة لجعل "ذا" موصولة، وهو الأحسن لمطابقة الجواب لسؤاله، وإن كان العكس جائزا، وقد تقدم تحقيقه في البقرة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة هذه الجملة يجوز فيها أوجه، أحدها: أن تكون منقطعة مما قبلها، إخبار استئناف بذلك. الثاني: أنها بدل من "خيرا". قال الزمخشري : هو بدل من "خيرا" حكاية لقول الذين اتقوا، أي: قالوا هذا القول فقدم تسميته خيرا ثم حكاه. الثالث: أن هذه الجملة تفسير لقوله: "خيرا"; وذلك أن الخير هو الوحي الذي أنزل الله فيه: من أحسن في الدنيا بالطاعة حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: في هذه الدنيا الظاهر تعلقه بـ "أحسنوا"، أي: أوقعوا الحسنة في دار الدنيا. ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من [ ص: 215 ] "حسنة" إذ لو تأخر لكان صفة لها، ويضعف تعلقه بها نفسها لتقدمه عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية