آ. (48) قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28987_28908nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أو لم : قرأ الأخوان "تروا" بالخطاب جريا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47فإن ربكم ، والباقون بالياء جريا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أفأمن الذين مكروا [ ص: 226 ] وأما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير فقرأه
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة أيضا بالخطاب، ووافقه
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر فيه، فحصل من مجموع الآيتين أن
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بالخطاب فيهما،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالخطاب في الأول والغيبة في الثاني،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر بالعكس، والباقون بالغيبة فيهما.
فأما توجيه الأولى فقد تقدم، وأما الخطاب في الثانية فجريا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم . وأما الغيبة فجريا على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=73ويعبدون من دون الله . وأما تفرقة
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر بين الموضعين فجمعا بين الاعتبارين وأن كلا منهما صحيح.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48من شيء هذا بيان لما في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48ما خلق الله فإنها موصولة بمعنى الذي. فإن قلت: كيف يبين الموصول - وهو مبهم - ب "شيء" وهو مبهم، بل أبهم مما قبله؟ فالجواب: أن شيئا قد اتضح وظهر بوصفه بالجملة بعده، وهي:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وما موصولة ب
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48خلق الله وهو مبهم، بيانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48من شيء يتفيأ ظلاله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية: وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48من شيء لفظ عام في كل ما اقتضته الصفة من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله فظاهر هاتين العبارتين أن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله صفة لشيء، وأما غيرهما فإنه قد صرح بعدم كون الجملة صفة، فإنه قال: والمعنى: من شيء له ظل من
[ ص: 227 ] جبل وشجر وبناء وجسم قائم. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يتفيأ ظلاله إخبار عن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48من شيء ليس بوصف له، وهذا الإخبار يدل على ذلك الوصف المحذوف الذي تقديره: هو له ظل. وفيه تكلف لا حاجة له، والصفة أبين. و
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48من شيء في محل نصب على الحال من الموصول، أو متعلق بمحذوف على جهة البيان، أي: أعني من شيء.
والتفيؤ: تفعل من فاء يفيء، أي: رجع، و "فاء" قاصر، فإذا أريد تعديته عدي بالهمزة كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله أو بالتضعيف نحو: فيأ الله الظل فتفيأ. وتفيأ مطاوع فهو لازم. ووقع في شعر أبي تمام متعديا في قوله:
2973 - طلبت ربيع ربيعة الممرى لها وتفيأت ظلاله ممدودا
واختلف في الفيء، فقيل: هو مطلق الظل سواء كان قبل الزوال أو بعده، وهو الموافق لمعنى الآية ههنا. وقيل: "ما كان [قبل] الزوال فهو ظل فقط، وما كان بعده فهو ظل وفيء"، فالظل أعم، يروى ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج. وقيل: بل يختص الظل بما قبل الزوال والفيء بما بعده. قال
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري: "تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار، فالتفيؤ لا يكون
[ ص: 228 ] إلا بالعشي، وما انصرفت عنه الشمس، والظل ما يكون بالغداة، وهو ما لم تنله [الشمس] قال الشاعر:
2975 - فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق
وقال
امرؤ القيس أيضا:
2975 - تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طام
وقد خطأ
nindex.php?page=showalam&ids=13438ابن قتيبة الناس في إطلاقهم الفيء على ما قبل الزوال، وقال: إنما يطلق على ما بعده، واستدل بالاشتقاق، فإن الفيء هو الرجوع وهو متحقق ما بعد الزوال، فإن الظل يرجع إلى جهة المشرق بعد الزوال بعدما نسخته الشمس قبل الزوال.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو: "تتفيأ" بالتاء من فوق مراعاة لتأنيث الجمع، وبها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17379يعقوب، والباقون بالياء لأنه تأنيث مجازي.
وقرأ العامة:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظلاله" جمع ظل،
nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى بن عمر: "ظلله" جمع
[ ص: 229 ] "ظلة" كغرفة وغرف. قال صاحب "اللوامح" في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16747عيسى "ظلله": "والظلة: الغيم، وهو جسم، وبالكسر الفيء وهو عرض، فرأى
nindex.php?page=showalam&ids=16747عيسى أن التفيؤ الذي هو الرجوع بالأجسام أولى منه بالأعراض، وأما في العامة فعلى الاستعارة".
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "عن اليمين" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها تتعلق ب "يتفيأ"، ومعناها المجاوزة، أي: تتجاوز الظلال عن اليمين إلى الشمائل. الثاني: أنها متعلقة بمحذوف على أنها حال من
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظلاله". الثالث: أنها اسم بمعنى جانب، فعلى هذا تنتصب على الظرف.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48عن اليمين والشمائل فيه سؤالان، أحدهما: ما المراد باليمين والشمائل؟ والثاني: كيف أفرد الأول وجمع الثاني؟ وأجيب عن الأول بأجوبة، أحدها: أن اليمين يمين الفلك وهو المشرق، والشمائل شماله وهي المغرب، وخص هذان الجانبان لأن أقوى الإنسان جانباه وهما يمينه وشماله، وجعل المشرق يمينا; لأن منه تظهر حركة الفلك اليومية.
الثاني: البلدة التي عرضها أقل من ميل الشمس تكون الشمس صيفا عن يمين البلد فيقع الظل عن يمينهم.
الثالث: أن المنصوب للعبرة: كل جرم له ظل كالجبل والشجر، والذي يترتب فيه الأيمان والشمائل إنما هو البشر فقط، لكن ذكر الأيمان والشمائل هنا على سبيل الاستعارة.
[ ص: 230 ] الرابع: قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "أولم يروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيئة عن أيمانها وشمائلها عن جانبي كل واحد منها وشقيه استعارة من يمين الإنسان وشمائله لجانبي الشيء، أي: ترجع من جانب إلى جانب". وهذا قريب مما قبله.
وأجيب عن الثاني بأجوبة، أحدها: أن الابتداء يقع من اليمين وهو شيء واحد، فلذلك وحد اليمين ثم ينتقص شيئا فشيئا، حالا بعد حال فهو بمعنى الجمع، فصدق على كل حال لفظة "الشمال"، فتعدد بتعدد الحالات. وإلى قريب منه نحا
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء.
والثاني: قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "واليمين بمعنى الأيمان"، يعني أنه مفرد قائم مقام الجمع، وحينئذ فهما في المعنى جمعان كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45ويولون الدبر ، أي: الأدبار.
الثالث: قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: كأنه إذا وحد ذهب إلى واحد من ذوات الظلال، وإذا جمع ذهب إلى كلها، لأن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48ما خلق الله من شيء لفظه واحد ومعناه الجمع، فعبر عن أحدهما بلفظ الواحد كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وجعل الظلمات والنور وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم .
[ ص: 231 ] الرابع: أنا إذا فسرنا اليمين بالمشرق كانت النقطة التي هي مشرق الشمس واحدة بعينها، فكانت اليمين واحدة، وأما الشمائل فهي عبارات عن الانحرافات الواقعة في تلك الظلال بعد وقوعها على الأرض وهي كثيرة، فلذلك عبر عنها بصيغة الجمع.
الخامس: قال
الكرماني: "يحتمل أن يراد بالشمائل الشمال والخلف والقدام; لأن الظل يفيء من الجهات كلها، فبدئ باليمين لأن ابتداء التفيؤ منها أو تيمنا بذكرها، ثم جمع الباقي على لفظ الشمال لما بين اليمين واليسار من التضاد، ونزل القدام والخلف منزلة الشمائل لما بينهما وبين اليمين من الخلاف".
السادس: قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية: وما قال بعض الناس: من أن اليمين أول وقعة للظل بعد الزوال ثم الآخر الغروب هي عن الشمائل، ولذلك جمع الشمائل وأفرد اليمين، فتخليط من القول، ويبطل من جهات. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: إذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس ومغربها ظلا ثم بعث الله عليه الشمس دليلا، فقبض إليه الظل، فعلى هذا فأول ذرور الشمس فالظل عن يمين مستقبل الجنوب، ثم يبدأ الانحراف فهو عن الشمائل; لأنه حركات كثيرة وظلال متقطعة فهي شمائل كثيرة، فكان الظل عن اليمين متصلا واحدا عاما لكل شيء.
[ ص: 232 ] السابع: قال
ابن الضائع: أفرد وجمع بالنظر إلى الغايتين; لأن ظل الغداة يضمحل حتى لا يبقى منه إلا اليسير، فكأنه في جهة واحدة، وهي في العشي على العكس لاستيلائه على جميع الجهات، فلحظت الغايتان في الآية. هذا من جهة المعنى، وأما من جهة اللفظ ففيه مطابقة; لأن "سجدا" جمع فطابقه جمع الشمائل لاتصاله به، فحصل في الآية مطابقة اللفظ للمعنى ولحظهما معا، وتلك الغاية في الإعجاز.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "سجدا" حال من
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظلاله" و "سجدا" جمع ساجد كشاهد وشهد، وراكع وركع.
قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وهم داخرون في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أنها حال من الهاء في "ظلاله". قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "لأنه في معنى الجمع، وهو ما خلق الله من شيء له ظل وجمع بالواو والنون; لأن الدخور من أوصاف العقلاء، أو لأن في جملة ذلك من يعقل فغلب".
وقد رد الشيخ هذا: بأن الجمهور لا يجيزون مجيء الحال من المضاف إليه، وهو نظير: "جاءني غلام هند ضاحكة" قال: "ومن أجاز مجيئها منه إذا كان المضاف جزءا أو كالجزء جوز الحالية منه هنا، لأن الظل كالجزء؛ إذ هو ناشئ عنه".
الثاني: أنها حال من الضمير المستتر في "سجدا" فهي حال متداخلة.
[ ص: 233 ] الثالث: أنها حال من "ظلاله" فينتصب عنه حالان.
ثم لك في هذه الواو اعتباران، أحدهما: أن تجعلها عاطفة حالا على مثلها فهي عاطفة، وليست بواو حال، وإن كان خلو الجملة الاسمية الواقعة حالا من الواو قليلا أو ممتنعا على رأي. وممن صرح بأنها عاطفة
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء. والثاني: أنها واو الحال، وعلى هذا فيقال: كيف يقتضي العامل حالين؟ فالجواب أنه جاز ذلك لأن الثانية بدل من الأولى، فإن أريد بالسجود التذلل والخضوع فهو بدل كل من كل، وإن أريد به حقيقته فهو بدل اشتمال; إذ السجود مشتمل على الدخور، ونظير ما نحن فيه: "جاء زيد ضاحكا وهو شاك" فقولك: "وهو شاك" يحتمل الحالية من "زيد" أو من ضمير "ضاحكا".
والدخور: التواضع قال:
2976 - فلم يبق إلا داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في جحر
وقيل: هو القهر والغلبة. ومعنى داخرون: أذلاء صاغرون.
آ. (48) قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28987_28908nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَ لَمْ : قَرَأَ الْأَخَوَانِ "تَرَوْا" بِالْخِطَابِ جَرْيًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47فَإِنَّ رَبَّكُمْ ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ جَرْيًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=45أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا [ ص: 226 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَقَرَأَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ أَيْضًا بِالْخِطَابِ، وَوَافَقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ فِيهِ، فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الْآيَتَيْنِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةَ بِالْخِطَابِ فِيهِمَا،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيَّ بِالْخِطَابِ فِي الْأَوَّلِ وَالْغَيْبَةِ فِي الثَّانِي،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنَ عَامِرٍ بِالْعَكْسِ، وَالْبَاقُونَ بِالْغِيبَةِ فِيهِمَا.
فَأَمَّا تَوْجِيهُ الْأُولَى فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْخِطَابُ فِي الثَّانِيَةِ فَجَرْيًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ . وَأَمَّا الْغَيْبَةُ فَجَرْيًا عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=73وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ . وَأَمَّا تَفْرِقَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنِ عَامِرٍ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَجَمْعًا بَيْنَ الِاعْتِبَارَيْنِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مِنْ شَيْءٍ هَذَا بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مَا خَلَقَ اللَّهُ فَإِنَّهَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُبَيَّنُ الْمَوْصُولُ - وَهُوَ مُبْهَمٌ - بِ "شَيْءٍ" وَهُوَ مُبْهَمٌ، بَلْ أَبْهَمُ مِمَّا قَبْلَهُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ شَيْئًا قَدِ اتَّضَحَ وَظَهَرَ بِوَصْفِهِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَهُ، وَهِيَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَا مَوْصُولَةٌ بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48خَلَقَ اللَّهُ وَهُوَ مُبْهَمٌ، بَيَانُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مِنْ شَيْءٍ لَفْظٌ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا اقْتَضَتْهُ الصِّفَةُ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ فَظَاهِرُ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ صِفَةٌ لِشَيْءٍ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ كَوْنِ الْجُمْلَةِ صِفَةً، فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْمَعْنَى: مِنْ شَيْءٍ لَهُ ظِلٌّ مِنْ
[ ص: 227 ] جَبَلٍ وَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ وَجِسْمٍ قَائِمٍ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ إِخْبَارٌ عَنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مِنْ شَيْءٍ لَيْسَ بِوَصْفٍ لَهُ، وَهَذَا الْإِخْبَارُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي تَقْدِيرُهُ: هُوَ لَهُ ظِلٌّ. وَفِيهِ تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ لَهُ، وَالصِّفَةُ أَبْيَنُ. وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مِنْ شَيْءٍ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمَوْصُولِ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ عَلَى جِهَةِ الْبَيَانِ، أَيْ: أَعْنِي مِنْ شَيْءٍ.
وَالتَّفَيُّؤُ: تَفَعُّلٌ مِنْ فَاءَ يَفِيءُ، أَيْ: رَجَعَ، وَ "فَاءَ" قَاصِرٌ، فَإِذَا أُرِيدَ تَعْدِيَتَهُ عُدِّيَ بِالْهَمْزَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ بِالتَّضْعِيفِ نَحْوَ: فَيَّأَ اللَّهُ الظِّلَّ فَتَفَيَّأَ. وَتَفَيَّأَ مُطَاوِعٌ فَهُوَ لَازِمٌ. وَوَقَعَ فِي شِعْرِ أَبِي تَمَامٍ مُتَعَدِّيًا فِي قَوْلِهِ:
2973 - طَلَبَتْ رَبِيعَ رَبِيعَةَ الْمُمْرَى لَهَا وَتَفَيَّأَتْ ظِلَالَهُ مَمْدُودًا
وَاخْتُلِفَ فِي الْفَيْءِ، فَقِيلَ: هُوَ مُطْلِقُ الظِّلِّ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَعْنَى الْآيَةِ هَهُنَا. وَقِيلَ: "مَا كَانَ [قَبْلَ] الزَّوَالِ فَهُوَ ظِلٌّ فَقَطْ، وَمَا كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ ظِلٌّ وَفَيْءٌ"، فَالظِّلُّ أَعَمُّ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15876رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ. وَقِيلَ: بَلْ يَخْتَصُّ الظِّلُّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْفَيْءُ بِمَا بَعْدَهُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13696الْأَزْهَرِيُّ: "تَفَيُّؤُ الظِّلَالِ رُجُوعُهَا بَعْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ، فَالتَّفَيُّؤُ لَا يَكُونُ
[ ص: 228 ] إِلَّا بِالْعَشِيِّ، وَمَا انْصَرَفَتْ عَنْهُ الشَّمْسُ، وَالظِّلُّ مَا يَكُونُ بِالْغَدَاةِ، وَهُوَ مَا لَمْ تَنَلْهُ [الشَّمْسُ] قَالَ الشَّاعِرُ:
2975 - فَلَا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُهُ وَلَا الْفَيْءُ مِنْ بَرْدِ الْعَشِيِّ تَذُوقُ
وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ أَيْضًا:
2975 - تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضَارِجٍ يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامِ
وَقَدْ خَطَّأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13438ابْنُ قُتَيْبَةَ النَّاسَ فِي إِطْلَاقِهِمُ الْفَيْءَ عَلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَقَالَ: إِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَاسْتَدَلَّ بِالِاشْتِقَاقِ، فَإِنَّ الْفَيْءَ هُوَ الرُّجُوعُ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِنَّ الظِّلَّ يَرْجِعُ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ بَعْدَ الزَّوَالِ بَعْدَمَا نَسَخَتْهُ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرٍو: "تَتَفَيَّأُ" بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ مُرَاعَاةً لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ، وَبِهَا قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17379يَعْقُوبُ، وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ تَأْنِيثٌ مَجَازِيٌّ.
وَقَرَأَ الْعَامَّةُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظِلالُهُ" جَمْعَ ظِلٍّ،
nindex.php?page=showalam&ids=16747وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ: "ظُلَلُهُ" جَمْعَ
[ ص: 229 ] "ظُلَّةٌ" كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ. قَالَ صَاحِبُ "اللَّوَامِحِ" فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16747عِيسَى "ظُلَلُهُ": "وَالظُّلَّةُ: الْغَيْمُ، وَهُوَ جِسْمٌ، وَبِالْكَسْرِ الْفَيْءُ وَهُوَ عَرَضٌ، فَرَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=16747عِيسَى أَنَّ التَّفَيُّؤَ الَّذِي هُوَ الرُّجُوعُ بِالْأَجْسَامِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأَعْرَاضِ، وَأَمَّا فِي الْعَامَّةِ فَعَلَى الِاسْتِعَارَةِ".
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "عَنِ الْيَمِينِ" فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِ "يَتَفَيَّأُ"، وَمَعْنَاهَا الْمُجَاوَزَةُ، أَيْ: تَتَجَاوَزُ الظِّلَالُ عَنِ الْيَمِينِ إِلَى الشَّمَائِلِ. الثَّانِي: أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظِلالُهُ". الثَّالِثُ: أَنَّهَا اسْمٌ بِمَعْنَى جَانِبٍ، فَعَلَى هَذَا تَنْتَصِبُ عَلَى الظَّرْفِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ فِيهِ سُؤَالَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ؟ وَالثَّانِي: كَيْفَ أَفْرَدَ الْأَوَّلَ وَجَمَعَ الثَّانِيَ؟ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَجْوِبَةٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْيَمِينَ يَمِينُ الْفَلَكِ وَهُوَ الْمَشْرِقُ، وَالشَّمَائِلُ شِمَالُهُ وَهِيَ الْمَغْرِبُ، وَخُصَّ هَذَانَ الْجَانِبَانِ لِأَنَّ أَقْوَى الْإِنْسَانِ جَانِبَاهُ وَهُمَا يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ، وَجَعَلَ الْمَشْرِقَ يَمِينًا; لِأَنَّ مِنْهُ تَظْهَرُ حَرَكَةُ الْفَلَكِ الْيَوْمِيَّةُ.
الثَّانِي: الْبَلْدَةُ الَّتِي عَرْضُهَا أَقَلُّ مِنْ مَيْلِ الشَّمْسِ تَكُونُ الشَّمْسُ صَيْفًا عَنْ يَمِينِ الْبَلَدِ فَيَقَعُ الظِّلُّ عَنْ يَمِينِهِمْ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَنْصُوبَ لِلْعِبْرَةِ: كُلُّ جِرْمٍ لَهُ ظِلٌّ كَالْجَبَلِ وَالشَّجَرِ، وَالَّذِي يَتَرَتَّبُ فِيهِ الْأَيْمَانُ وَالشَّمَائِلُ إِنَّمَا هُوَ الْبَشَرُ فَقَطْ، لَكِنَّ ذِكْرَ الْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ.
[ ص: 230 ] الرَّابِعُ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : "أَوْلَمَ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرَامِ الَّتِي لَهَا ظِلَالٌ مُتَفَيِّئَةٌ عَنْ أَيْمَانِهَا وَشَمَائِلِهَا عَنْ جَانِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَشِقَّيْهِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَشَمَائِلِهِ لِجَانِبَيِ الشَّيْءِ، أَيْ: تَرْجِعُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ". وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ.
وَأُجِيبَ عَنِ الثَّانِي بِأَجْوِبَةٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الِابْتِدَاءَ يَقَعُ مِنَ الْيَمِينِ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَلِذَلِكَ وَحَّدَ الْيَمِينَ ثُمَّ يَنْتَقِصُ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَهُوَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ، فَصَدَقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَفْظَةُ "الشِّمَالِ"، فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ الْحَالَاتِ. وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْهُ نَحَا
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ.
وَالثَّانِي: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : "وَالْيَمِينُ بِمَعْنَى الْأَيْمَانِ"، يَعْنِي أَنَّهُ مُفْرَدٌ قَائِمٌ مَقَامَ الْجَمْعِ، وَحِينَئِذٍ فَهُمَا فِي الْمَعْنَى جَمْعَانِ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ، أَيِ: الْأَدْبَارَ.
الثَّالِثُ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ: كَأَنَّهُ إِذَا وَحَّدَ ذَهَبَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلَالِ، وَإِذَا جَمَعَ ذَهَبَ إِلَى كُلِّهَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ لَفْظُهُ وَاحِدٌ وَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ، فَعَبَّرَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ .
[ ص: 231 ] الرَّابِعُ: أَنَا إِذَا فَسَّرْنَا الْيَمِينَ بِالْمَشْرِقِ كَانَتِ النُّقْطَةُ الَّتِي هِيَ مَشْرِقُ الشَّمْسِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، فَكَانَتِ الْيَمِينُ وَاحِدَةً، وَأَمَّا الشَّمَائِلُ فَهِيَ عِبَارَاتٌ عَنِ الِانْحِرَافَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي تِلْكَ الظِّلَالِ بَعْدَ وُقُوعِهَا عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
الْخَامِسُ: قَالَ
الْكِرْمَانِيُّ: "يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّمَائِلِ الشِّمَالُ وَالْخَلْفُ وَالْقُدَّامُ; لِأَنَّ الظِّلَّ يَفِيءُ مِنَ الْجِهَاتِ كُلِّهَا، فَبُدِئَ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ التَّفَيُّؤِ مِنْهَا أَوْ تَيَمُّنًا بِذِكْرِهَا، ثُمَّ جَمَعَ الْبَاقِيَ عَلَى لَفْظِ الشِّمَالِ لِمَا بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ مِنَ التَّضَادِّ، وَنَزَّلَ الْقُدَّامَ وَالْخَلْفَ مُنْزِلَةَ الشَّمَائِلِ لِمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ مِنَ الْخِلَافِ".
السَّادِسُ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ: وَمَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ أَوَّلُ وَقْعَةٍ لِلظِّلِّ بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ الْآخَرُ الْغُرُوبُ هِيَ عَنِ الشَّمَائِلِ، وَلِذَلِكَ جَمَعَ الشَّمَائِلَ وَأَفْرَدَ الْيَمِينَ، فَتَخْلِيطٌ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَبْطُلُ مِنْ جِهَاتٍ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا صَلَّيْتَ الْفَجْرَ كَانَ مَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَمَغْرِبِهَا ظِلًّا ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّمْسَ دَلِيلًا، فَقَبَضَ إِلَيْهِ الظِّلَّ، فَعَلَى هَذَا فَأَوَّلُ ذُرُورِ الشَّمْسِ فَالظِّلُّ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِ الْجَنُوبِ، ثُمَّ يَبْدَأُ الِانْحِرَافُ فَهُوَ عَنِ الشَّمَائِلِ; لِأَنَّهُ حَرَكَاتٌ كَثِيرَةٌ وَظِلَالٌ مُتَقَطِّعَةٌ فَهِيَ شَمَائِلُ كَثِيرَةٌ، فَكَانَ الظِّلُّ عَنِ الْيَمِينِ مُتَّصِلًا وَاحِدًا عَامًّا لِكُلِّ شَيْءٍ.
[ ص: 232 ] السَّابِعُ: قَالَ
ابْنُ الضَّائِعِ: أَفْرَدَ وَجَمَعَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْغَايَتَيْنِ; لِأَنَّ ظِلَّ الْغَدَاةِ يَضْمَحِلُّ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ إِلَّا الْيَسِيرُ، فَكَأَنَّهُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ فِي الْعَشِيِّ عَلَى الْعَكْسِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى جَمِيعِ الْجِهَاتِ، فَلُحِظَتِ الْغَايَتَانِ فِي الْآيَةِ. هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَفِيهِ مُطَابَقَةٌ; لِأَنَّ "سُجَّدًا" جُمِعَ فَطَابَقَهُ جَمْعُ الشَّمَائِلِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ، فَحَصَلَ فِي الْآيَةِ مُطَابَقَةُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى وَلَحْظُهُمَا مَعًا، وَتِلْكَ الْغَايَةُ فِي الْإِعْجَازِ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "سُجَّدًا" حَالٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48 "ظِلالُهُ" وَ "سُجَّدًا" جَمْعُ سَاجِدٍ كَشَاهِدٍ وَشُهَّدٍ، وَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ.
قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48وَهُمْ دَاخِرُونَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْهَاءِ فِي "ظِلَالُهُ". قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : "لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَهُوَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ لَهُ ظِلٌّ وَجُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ; لِأَنَّ الدُّخُورَ مِنْ أَوْصَافِ الْعُقَلَاءِ، أَوْ لِأَنَّ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ مَنْ يَعْقِلُ فَغُلِّبَ".
وَقَدْ رَدَّ الشَّيْخُ هَذَا: بِأَنَّ الْجُمْهُورَ لَا يُجِيزُونَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ: "جَاءَنِي غُلَامُ هِنْدٍ ضَاحِكَةً" قَالَ: "وَمَنْ أَجَازَ مَجِيئَهَا مِنْهُ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا أَوْ كَالْجُزْءِ جَوَّزَ الْحَالِيَّةَ مِنْهُ هُنَا، لِأَنَّ الظِّلَّ كَالْجُزْءِ؛ إِذْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْهُ".
الثَّانِي: أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي "سُجَّدًا" فَهِيَ حَالٌ مُتَدَاخِلَةٌ.
[ ص: 233 ] الثَّالِثُ: أَنَّهَا حَالٌ مِنْ "ظِلَالُهُ" فَيَنْتَصِبُ عَنْهُ حَالَانِ.
ثُمَّ لَكَ فِي هَذِهِ الْوَاوِ اعْتِبَارَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ تَجْعَلَهَا عَاطِفَةً حَالًا عَلَى مِثْلِهَا فَهِيَ عَاطِفَةٌ، وَلَيْسَتْ بِوَاوِ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ خُلُوُّ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْوَاقِعَةِ حَالًا مِنَ الْوَاوِ قَلِيلًا أَوْ مُمْتَنِعًا عَلَى رَأْيٍ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا عَاطِفَةٌ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا وَاوُ الْحَالِ، وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ: كَيْفَ يَقْتَضِي الْعَامِلُ حَالَيْنِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ بَدَلٌ مِنَ الْأَوْلَى، فَإِنْ أُرِيدَ بِالسُّجُودِ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ فَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ حَقِيقَتُهُ فَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ; إِذِ السُّجُودُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الدُّخُورِ، وَنَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ: "جَاءَ زَيْدٌ ضَاحِكًا وَهُوَ شَاكٍ" فَقَوْلُكَ: "وَهُوَ شَاكٍ" يَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ مِنْ "زَيْدٍ" أَوْ مِنْ ضَمِيرِ "ضَاحِكًا".
وَالدُّخُورُ: التَّوَاضُعُ قَالَ:
2976 - فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دَاخِرٌ فِي مُخَيَّسٍ وَمُنْجَحِرٌ فِي غَيْرِ أَرْضِكَ فِي جُحْرِ
وَقِيلَ: هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ. وَمَعْنَى دَاخِرُونَ: أَذِلَّاءُ صَاغِرُونَ.