الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا القلوب وإن كانت محترقة في حب الله تعالى ، فإن البيت الغريب يهيج منها ما لا تهيج تلاوة القرآن ، وذلك لوزن الشعر ومشاكلته للطباع ولكونه مشاكلا للطبع اقتدر البشر على نظم الشعر وأما القرآن فنظمه خارج عن أساليب الكلام ومنهاجه وهو لذلك معجز لا يدخل في قوة البشر لعدم مشاكلته لطبعه. .

وروي أن إسرافيل أستاذ ذي النون المصري دخل عليه رجل فرآه وهو ينكت في الأرض بإصبعه ويترنم ببيت فقال هل تحسن أن تترنم بشيء فقال لا ? قال : فأنت بلا قلب إشارة إلى أن من له قلب وعرف طباعه علم أنه تحركه الأبيات والنغمات تحريكا لا يصادف في غيرها فيتكلف طريق التحريك إما بصوت نفسه أو بغيره وقد ذكرنا حكم المقام الأول في فهم المسموع وتنزيله وحكم المقام الثاني في الوجد الذي يصادف في القلب .

التالي السابق


(فإذا القلوب وإن كانت محترقة بحب الله تعالى، فإن البيت الغريب يهيج منها ما لا تهيجه تلاوة القرآن، وذلك لوزن الشعر ومشاكلته للطباع) وألفته لها، (ولكونه مشاكلا للطبع اقتدر البشر على نظم الشعر) ووضع أساليبه (وأما القرآن فنظمه خارج عن أساليب الكلام ومنهاجه وهو لذلك) أي: لأجله (معجز) للبشر (لا يدخل في قوة البشر لعدم مشاكلته لطبعه .

وروي أن إسرائيل أستاذ ذي النون المصري) رحمهما الله تعالى (دخل عليه رجل فرآه وهو ينكث في الأرض بأصبعه ويترنم ببيت فقال) للرجل: (هل تحسن تترنم بشيء؟ قال: لا، قال: فأنت بلا قلب) أي: ليس لك حس صحيح، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في مقدمة كتاب العلم عند ذكر الأقوال المنسوبة إلى المصنف (إشارة إلى أن من له قلب وعرف طباعه علم أنه تحركه الأبيات والنغمات تحريكا لا يصادف في غيره) ، أي: لا يوجد (فيتكلف طريق التحريك إما بصوت نفسه أو غيره) ، ويقرب من ذلك ما رواه ابن طاهر المقدسي في صفوة التصوف بسنده إلى المزني قال: مررنا مع الشافعي على دار قوم وجارية تغنيهم:


خليلي ما بال المطايا كأنها تراها على الأعقاب بالقوم تنكص

قال الشافعي: ميلوا بنا نسمع، فلما فرغت قال الشافعي للمزني أيطربك هذا؟ قال: لا، قال: فما لك حس صحيح .

وروى الأستاذ أبو منصور البغدادي في رسالة له في السماع بسنده عن يونس بن عبد الأعلى أن الشافعي استصحبه إلى مجلس فيه قينة تغني قال: فلما فرغت قال: هل استطبت شيئا؟ قلت: لا، فقال: إن صدقت فما لك حس صحيح .

(وقد ذكرنا حكم المقام الأول في فهم المسموع وتنزيله) على موارده، (و) كذلك ذكرنا (حكم المقام [ ص: 561 ] الثاني في الوجد الذي يصادف في القلب) .




الخدمات العلمية