الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1 - ( 464 ) : فحدثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا جعفر بن عون ، ثنا هشام بن سعد ، قال : ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : (قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فذكر الحديث بطوله ، وقال : ثم يضرب الجسر على جهنم ، قلنا : وما الجسر يا رسول الله ، بأبينا أنت وأمنا ؟ قال : (دحض مزلة) له كلاليب وخطاطيف ، وحسكة تكون بنجد ، عقيفا يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كلمح البرق ، وكالطرف وكالريح وكالطير ، وكأجود الخيل ، والراكب : فناج مسلم ، ومخدوش مرسل ومكدوش في نار جهنم ، والذي نفسي بيده ما أحدكم بأشد مناشد في الحق يراه من المؤمنين في إخوانهم [ ص: 730 ] إذا رأوا أن قد خلصوا من النار ، يقولون : أى ربنا ، إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا قد أخذتهم النار ، فيقول الله لهم : اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه وتحرم صورتهم ، فيجد الرجل قد أخذته النار إلى قدميه ، وإلى أنصاف ساقيه ، وإلى ركبتيه ، وإلى حقويه ، فيخرجون منها بشرا كثيرا ثم يعودون ، فيتكلمون فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير ، فأخرجوه ، فيخرجون منها بشرا كثيرا ، ثم يعودون ، فيتكلمون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف قيراط من خير ، فأخرجوه ، فيخرجون منها بشرا كثيرا ، ثم يعودون ، فيتكلمون فلا يزال يقول ذلك (لهم ، حتى يقول) اذهبوا ، فأخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة فأخرجوه) وكان أبو سعيد إذا حدث بهذا الحديث يزيد (يقول) .

قال أبو بكر : لم أجد في كتابي يقول إن لم تصدقوا فاقرؤوا : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة - قرأ إلى قوله - عظيما ) فيقولون : ربنا لم نذر فيها خيرا ، فيقول : هل بقي إلا أرحم الراحمين ، قد شفعت الملائكة ، وشفع الأنبياء ، وشفع المؤمنون فهل بقي إلا أرحم الراحمين ، قال : فيأخذ قبضة من النار فيخرج قوما قد صاروا حممة لم يعلموا له عمل خير قط ، فيطرحوا في نهر يقال له نهر الحياة ، فينبتون فيه ، (والذي نفسي بيده كما تنبت الحبة في حميل السيل) (ثم ذكر محمد بن يحيى باقي الحديث ، خرجته بتمامه في كتاب الأهوال) .

[ ص: 731 ] 2 - ( 465 ) : (حدثنا محمد بن يحيى) ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد ، فذكر نحو هذه القصة خرجته في باب آخر بعد ، غير أنه لم يذكر الجسر ، ولا صفة المرور عليه ، وإنما قال : (إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا ، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا) ثم ساق ما بعد هذا من الحديث .

[ ص: 732 ] قال أبو بكر : هذه اللفظة (لم يعملوا خيرا قط) من الجنس الذي يقول العرب : ينفى الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام ، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل ، لم يعملوا خيرا قط ، على التمام والكمال ، لا على ما أوجب عليه وأمر به ، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية