الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
74 - باب ذكر البيان أن الصديقين يتلون النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة يوم القيامة ثم سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، يتلون الصديقين ، ثم الشهداء يتلون الأنبياء عليهم السلام إن صح الحديث) .

[ ص: 735 ] 1 - ( 468 ) : حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي ، وأحمد بن منصور المروزي قال الدارمي : حدثني ، وقال المروزي : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا أبو نعامة ، قال : ثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل ، عن والان ، عن حذيفة عن أبي بكر الصديق ، قال : (أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فصلى الغداة ، ثم جلس ، حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جلس مكانه ، حتى صلى الأولى ، والعصر والمغرب ، كل ذلك ، لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ، ثم قام إلى أهله ، فقال الناس لأبي بكر : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه ، صنع اليوم شيئا ، لم يصنعه قط ، فقال : نعم ، (فسأله ، فقال) : عرض على ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة ، يجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ، ففظع الناس بذلك ، حتى انطلقوا إلى آدم ، والعرق يكاد يلجمهم ، فقالوا : يا آدم ، أنت أبو البشر ، وأنت اصطفاك الله ، اشفع لنا إلى ربك ، فقال : لقد لقيت مثل الذي لقيتم ، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح ، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم ( وآل عمران ) على العالمين ، فينطلقون إلى نوح فيقولون : اشفع لنا إلى ربك ، فأنت اصطفاك الله ، واستجاب لك في دعائك ، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى إبراهيم ، فإن الله اتخذه خليلا ، فيأتون إبراهيم ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى موسى ، فإن الله كلمه تكليما ، فيقول موسى : ليس ذاك عندي ، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم ، فإنه كان يبرئ الأكمه والأبرص (ويحيي الموتى) فيقول عيسى : ليس ذاك عندي ، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم ، وأول من تنشق عنه الأرض [ ص: 736 ] يوم القيامة ، انطلقوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فليشفع لكم إلى ربكم ، قال : فينطلق فيأتي جبريل ربه ، فيقول الله تبارك وتعالى : ائذن له وبشره بالجنة ، قال : فينطلق به جبريل ، فيخر ساجدا قدر جمعة ، ثم يقول الله عز وجل : ارفع رأسك يا محمد ، وقل ، يسمع ، واشفع ، تشفع ، وقال : فيرفع رأسه ، فإذا نظر إلى ربه عز وجل ، خر ساجدا قدر جمعة أخرى ثم يقول الله : يا محمد ارفع رأسك ، وقل ، يسمع لك ، واشفع ، تشفع ، قال : فيذهب ، ليقع ساجدا ، قال : فيأخذ جبريل بضبعيه ، فيفتح الله عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط ، فيقول : أى رب ، جعلتني سيد ولد آدم ، ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، ولا فخر ، حتى إنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة ، ثم يقال : ادع الصديقين ، ليشفعوا ، ثم يقال : ادع الأنبياء ، قال : فيجيء النبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه الخمسة والستة والنبي وليس معه أحد ، ثم يقال : ادع الشهداء ، فيشفعون لمن أرادوا ، فإذا فعلت الشهداء ذلك ، قا : يقول الله تبارك وتعالى : أنا أرحم الراحمين ، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بالله شيئا ، قال : فيدخلون الجنة ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى : انظروا في النار ، هل تلقون من أحد عمل خيرا قط قال : فيجدون في النار رجلا ، فيقال له : هل عملت خيرا [ ص: 737 ] قط ؟ فيقول : لا ، غير أني كنت أسامح الناس في (البيع والشراء) قال : فيقول الله عز وجل : اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي ، ثم يخرجون من النار رجلا آخر فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ قال : لا ، غير أني أمرت ولدي إذا أنا مت فأحرقوني بالنار ، ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل ، فاذهبوا بي إلى البحر ، فاذروني في الريح (والله لا يقدر على رب العالمين أبدا) فقال الله ، لم فعلت ذلك ؟ قال : من مخافتك ، قال : فيقول تعالى : انظر إلى ملك أعظم ملك ، فإن لك عشرة أضعاف ذلك ، قال : فيقول : أتسخر بي وأنت الملك ؟ فذاك الذي ضحكت منه (من الضحى) هذا لفظ حديث أحمد بن منصور .

قال أبو بكر : إنما استثنيت صحة الخبر في الباب ، لأني في الوقت الذي ترجمت الباب لم أكن أحفظ في ذلك الوقت عن والان ، خبرا غير هذا الخبر ، فقد روى (عنه مالك بن عمير الحنفي ، غير أنه قال : العجلي لا العدوي .

[ ص: 738 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية