الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 4561 ] وقال إسحاق بن راهويه: أبنا وهب بن جرير بن حازم، ثنا أبي، سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس : " أنهم اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى معهم حتى بلغ بقيع الغرقد في ليلة مقمرة، فقال: انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، قال: فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه يعني كعب بن الأشرف - فهتف أبو نائلة به فنزل إليه وهو حديث عهد بعرس، فقالت له امرأته: إنك محارب، وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة. فقال لها: إنه أبو نائلة، والله لو وجدني نائما ما أيقظني. فقالت : والله إني لأعرف في صوته الشر. فقال لها: لو دعي الفتى لطعنة لأجاب. فنزل إليهم فتحدثوا ساعة، ثم قالوا: لو مشينا إلى شعب العجوز فتحدثنا ليلتنا هذه، فإنه لا عهد لنا بذلك. فقال: نعم. فخرجوا يمشون ثم إن ... شام يده في (فود) رأسه، فقال: ما رأيت كالليلة عطرا أطيب ثم مشى ساعة، ثم عاد لمثلها، حتى اطمأن فأدخل يده [ ص: 218 ] في فودي رأسه فأخذ شعره، ثم قال: اضربوا عدو الله. قال: فاختلفت عليه أسيافهم. قال: وصاح عدو الله صيحة، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه نار قال: وأصيبت رجل الحارث. قال محمد بن مسلمة: فلما رأيت السيوف لا تغني شيئا، ذكرت مغولا في سيفي، فأخذته، فوضعته على سرته فتحاملت عليه حتى بلغ عانته فوقع، ثم خرجنا فسلكنا على بني أمية، ثم على بني قريظة، ثم على بعاث، ثم أسرينا في حرة العريض، وأبطأ الحارث ونزف الدم، فوقفنا له ثم احتملناه، حتى جئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل وهو يصلي، فخرج علينا فأخبرناه بقتل عدو الله قال: فتفل على جرح الحارث، ورجعنا به إلى بيته، وتفرق القوم إلى رحالهم، فلما أصبحنا خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من وجدتموه من رجال يهود فاقتلوه. فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة - رجل من (كبار) يهود - وكان يبايعهم ويخالطهم، فقتله، قال: (فخرج) حويصة بن مسعود - وهو يومئذ مشرك وكان أسن منه - (فضربه) وهو يقول: أي عدو الله أقتلته ؟ والله لرب شحم في بطنك من ماله، فقال: والله لقد أمرني بقتله رجل لو أمرني بقتلك لضربت عنقك. قال: آلله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني ؟ قال: نعم والله. فقال: والله إن دينا بلغ بك هذا لدين عجيب، فكان أول إسلام حويصة من قبل قول أخيه " .

                                                                                                                                                                    قال شيخنا الحافظ أبو الفضل العسقلاني: هذا إسناد حسن متصل، أخرج الإمام أحمد بن حنبل منه إلى قوله: " أعنهم " فقط. عن يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق به انتهى.

                                                                                                                                                                    وله شاهد في الصحيح من حديث عمرو، عن جابر. [ ص: 219 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية