[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله الذي خلق الإنس والجن ليكلفهم أن يوحدوه ويعبدوه ، ويقدسوه ويمجدوه ويشكروه ولا يكفروه ، ويطيعوه ولا يعصوه ، وأرسل إليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ليعزروه ويوقروه ويطيعوه وينصروه ; فأمرهم على لسانه بكل بر وإحسان ، وزجرهم على لسانه عن كل إثم وطغيان وكذلك أمرهم بالمعاونة على البر والتقوى ، ونهاهم عن المعاونة على الإثم والطغوى . وحثهم على الاقتداء والاتباع ، كما زجرهم عن الاختلاف والابتداع . 
وكذلك أمر عباده بكل خير ; واجب أو مندوب ، ووعدهم بالثواب على قليله وكثيره بقوله : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره    } . 
ونهاهم عن كل شر محرم أو مكروه ، وتوعدهم بالعقاب على محظور جليله وحقيره بقوله : { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره    } ، وبقوله : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة    } . 
وكذلك أمرهم بتحصيل مصالح إجابته وطاعته ، ودرء مفاسد معصيته ومخالفته ; إحسانا إليهم ، وإنعاما عليهم ; لأنه غني عن طاعتهم وعبادتهم . فعرفهم ما فيه رشدهم ومصالحهم ليفعلوه ، وما فيه غيهم ومفاسدهم ليجتنبوه ، وأخبرهم أن الشيطان عدو لهم ليعادوه ويخالفوه ، فرتب مصالح الدارين على طاعته واجتناب معصيته ، فأنزل الكتب بالأمر والزجر والوعد الوعيد ، ولو شاء الله لأصلحهم بدون ذلك ; ولكنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وما ربك بظلام للعبيد    . 
				
						
						
