إلى نفيس وخسيس ، ودقيق وجل ، وكثر وقل ، وجلي وخفي ، وآجل أخروي وعاجل دنيوي ، والدنيوي ينقسم إلى متوقع وواقع ، ومختلف فيه ومتفق عليه ، وكذلك ترجيح بعض المصالح على بعض ، وترجيح بعض المصالح على بعض ، وترجيح بعض المفاسد على بعض ، ينقسم إلى المتفق عليه والمختلف فيه ، فالسعيد من فعل ما اتفق على صلاحه ، وترك ما اتفق على فساده ، وأسعد منه من ضم إلى ذلك فعل ما اختلف في صلاحه ، وترك ما اختلف في فساده ، فإن الاحتياط [ ص: 58 ] لحيازة المصالح بالفعل ولاجتناب المفاسد بالترك ، وقليل من يفعل ذلك . وقد يعبر عن القليل بالمعدوم . تنقسم المصالح والمفاسد
فمن المصالح والمفاسد ما يشترك في معرفته الخاصة والعامة ، ومنها ما ينفرد بمعرفته خاصة الخاصة ، ولا يقف على الخفي من ذلك كله إلا من وفقه الله بنور يقذفه في قلبه ، وهذا جار في مصالح الدارين ومفاسدهما ، وفي مثله طال الخلاف والنزاع بين الناس في علوم الشرائع والطبائع ، وتدبير المسالك والمهالك ، وغير ذلك من الولايات والنيات وجميع التصرفات ، ولأجل الاختلاف في ذلك منع الشرع من نصب الخليفتين لما يقع بينهما من الاختلافات في المصالح والأصلح والمفاسد والأفسد ، لأنه لو جوز نصبهما لتعطل تحصيل ما خفي من المصالح واجتناب ما خفي من المفاسد ، وكذلك ترجيح الخفي .
وأما نصب القضاء مع اختلافهم في الأحكام فيجوز لأن مصالح القضاء خاصة ، ومصالح الخلافة عامة ، ويتعذر نصب قاض واحد لجميع الناس ولا شك أن نصب القضاة والولاة من الوسائل إلى جلب المصالح العامة والخاصة .
وأما نصب أعوان القضاة والولاة فمن وسائل الوسائل .
وكذلك الرسائل الإلهية وسائل إلى تحصيل مقاصد الشرائع وهي من أفضل الوسائل وكذلك تحمل الشهادات وسيلة إلى أدائها ، وأداؤها وسيلة إلى الحكم بها والحكم بها وسيلة إلى جلب المصالح ودرء المفاسد .