[ ص: 138 ] فصل كل صفة قبيحة جبلية لا كسب للإنسان فيها فلا أجر عليها ولا وزر ، كقبح الصورة ، ودمامة الخلق ، وشناعة الأعضاء ، ونقص العقول والحواس ، وسوء الأخلاق كالقحة والجبن والشح والبخل ، والميل إلى كل رذيلة ، والنفور عن كل فضيلة ، والقسوة والعجلة فيما لم يتبين غيه من رشده ، وغير ذلك من الصفات القباح . فمن أجاب هذه الصفات إلى ما تقتضيه مما يخالف الشرع كان معاقبا على قبح إجابته ، لا على قبح أوصافه ، ومن خالفها ووافق الشرع في قهرها والعمل بخلاف مقتضاها كان مثابا على مخالفته غير معاقب على قبح صفاته ، هذا إن قصد به وجه الله فإنه يؤجر على عمله وعلى مجاهدة نفسه ، وإن قصد به الرياء أو التسميع أثم ، وإن قصد به التجمل بذلك من غير رياء ولا سمعة ، فلا أجر ; لأنه لم يقصد وجه الله ، ولا وزر لأنه لم يعص ، وقد جوز الشرع التجمل والتزين بقوله : { فيما يعاقب من قبح الصفات وما لا يعاقب عليه ولكم فيها جمال } وقوله : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } . ولا أعرف في الوجود شيئا أكثر تقلبا في الأوصاف والأحوال من القلوب ، لكثرة ما يرد عليها من الخواطر والقصور ، والكراهة والمحبة ، والكفر والإيمان ، والخضوع والخشوع ، والخوف والرجاء ، والأفراح والأحزان ، والانقباض والانبساط ، والارتفاع والانحطاط ، والظنون والأوهام ، والشكوك والعرفان ، والنفور والإقبال ، والمسألة والملال ، والخسران والندم ، واستقباح الحسن واستحسان القبيح ، ولكثرة تقلبها كان عليه السلام يقول : { } ، وكانت [ ص: 139 ] يمينه { يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك } ، وسمي القلب قلبا لتقلبه من حال إلى حال ، ولا عقاب على الخواطر ، ولا على حديث النفس لغلبتها على الناس ، ولا على ميل الطبع إلى الحسنات والسيئات ، إذ لا تكليف بما يشق اجتنابه مشقة فادحة ، ولا بما يطاق فعله ولا تركه . ومبدأ التكليف العزوم والقصود ، فالعزم على الحسنات حسن ، وعلى السيئات قبيح ، وعلى المباح مأذون . لا ، ومقلب القلوب