وآثر عثمان عليا رضي الله عنهما بها فقبل ذلك منه ، ولم ينكر .
وكل ذلك جائز ، في محل الاجتهاد ، وهو من المجتهدات التي أقول فيها : إن كل مجتهد مصيب ، وهي كل مسألة لا نص على عينها ولا على مسألة تقرب منها ، فتكون في معناها بقياس جلي كهذه المسألة ومسألة حد الشرب فإنهم جلدوا أربعين وثمانين ، والكل سنة وحق ، وأن كل واحد من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مصيب باتفاق الصحابة رضي الله عنهم إذ المفضول ما رد في زمان عمر شيئا إلى الفاضل مما قد كان أخذه في زمان أبي بكر ، ولا الفاضل امتنع من قبول الفضل في زمان عمر ، واشترك في ذلك كل الصحابة واعتقدوا أن كل واحد من الرأيين حق .
فليؤخذ هذا الجنس دستورا للخلافات التي يصوب فيها كل مجتهد .
فأما كل مسألة شذ عن مجتهد فيها نص أو قياس جلي بغفلة أو سوء رأي وكان في القوة بحيث ينقض حكم المجتهد ، فلا نقول فيها إن كل واحد مصيب بل المصيب من أصاب النص أو ما ، في معنى النص .
وقد تحصل من مجموع هذا أن من وجد من أهل الخصوص الموصوفين بصفة تتعلق بها مصالح الدين أو الدنيا وأخذ من السلطان خلعة أو إدرارا على التركات أو الجزية لم يصر فاسقا بمجرد أخذه وإنما يفسق بخدمته لهم ومعاونته إياهم ودخوله عليهم وثنائه وإطرائه لهم إلى غير ذلك من لوازم لا يسلم المال غالبا إلا بها كما سنبينه .


