[قتلى وأسرى المشركين]: 
وقتل من المشركين سبعون ، وأسر سبعون ،  فممن قتل: عتبة ،  وشيبة ،  والوليد بن عتبة ،  والعاص بن سعيد ،  وأبو جهل ،  وأبو البختري ،  وحنظلة بن أبي سفيان ،  والحارث بن عامر ،   [ وطعيمة بن عدي   ] وزمعة بن الأسود ،  ونوفل بن خويلد  ، والنضر بن الحارث ،  وعقبة بن أبي معيط ،  والعاص بن هشام  خال  عمر ،  وأمية بن خلف ،  وعلي بن أمية ،  و[منبه] بن الحجاج ،  ومعبد بن وهب   .  [ ص: 110 ] 
وممن أسر: نوفل بن الحارث ،  وعقيل بن أبي طالب ،  وأبو العاص بن الربيع ،  وعدي بن الحباب ،  وأبو عزيز بن عمير ،  والوليد بن [الوليد بن] المغيرة ،  وعبد الله بن أبي بن خلف ،  وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي الشاعر ،  ووهب بن عمير ،  وأبو وداعة بن ضبيرة ،   وسهيل بن عمرو . 
 وكان فداء الأسارى [كل رجل منهم] أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألف ، إلا قوما لا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو عزة [الجمحي]   . 
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ،  قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ،  قال: أخبرنا  أبو عمر بن حيويه ،  قال: أخبرنا أحمد بن معروف ،  قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ،  قال: أخبرنا محمد بن سعد ،  قال: أخبرنا  الفضل بن دكين ،  قال: أخبرنا  إسرائيل ،  عن  جابر ،  عن عامر  قال: 
أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين [أسيرا ، ] فكان يفادي بهم على قدر أموالهم ،  وكان أهل مكة  يكتبون ، وكان أهل المدينة  لا يكتبون ، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة من غلمان المدينة  فعلمهم ، فإذا حذقوا فهو فداؤه . 
وفي رواية  الشعبي   : وكان  زيد بن ثابت  ممن علم . 
قال  ابن عباس   : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يومئذ: "إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم  وغيرهم قد أخرجوا كرها ، لا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقي منكم أحدا من  [ ص: 111 ] بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البختري بن هشام  فلا يقتله ، فإنه إنما أخرج مستكرها" . 
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة   : أنقتل آباءنا [وأبناءنا] وإخواننا وعشيرتنا ، ونترك العباس ، [والله] لئن لقيته لألحمنه السيف ، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول لعمر بن الخطاب يا أبا حفص ، أما تسمع قول أبي حذيفة ، [يقول] أضرب وجه عم رسول الله بالسيف ، فقال عمر: يا رسول الله ، دعني فلأضربن عنقه بالسيف فوالله لقد نافق . 
فكان أبو حذيفة  يقول: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ، ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة ، فقتل يوم اليمامة شهيدا . 
وإنما نهى رسول الله عن قتل أبي البختري ،   لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ،  كان لا يؤذيه ، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم  وبني المطلب .  
وقال  ابن عباس   : وكان الذي أسر العباس  أبو اليسر كعب بن عمرو ،  فقال رسول الله: "كيف أسرته" ؟ قال: أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده ، قال: "لقد أعانك عليه ملك كريم" ، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهرا أول ليلة ، فقال أصحابه: ما لك لا تنام ، فقال: "سمعت صوت تضور العباس في وثاقه" ، فقاموا إلى العباس ، فأطلقوه ، فنام رسول الله . وقد روى  ابن إسحاق  عن أشياخه ، أن  عبد الرحمن بن عوف  قال: كان أمية بن خلف  صديقا لي بمكة ،  فلما كان يوم بدر  مررت به وهو واقف مع ابنه علي آخذا بيده ،  [ ص: 112 ] ومعي أدراع قد استلبتها ، فقال: يا عبد الله ، هل لك في ، فأنا خير لك من هذه الأدراع؟ 
فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده وبيد ابنه وهو يمشي ويقول: ما رأيت كاليوم قط . 
ثم قال لي: من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قلت: حمزة ، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل ، قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال ، وهو الذي كان يعذب بلالا بمكة  على أن يترك الإسلام يخرجه إلى رمضاء مكة  فيضجعه على ظهره ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول: لا تزال هكذا حتى تفارق دين محمد ، فيقول بلال: أحد أحد ، فقال بلال حين رآه: رأس الكفر أمية بن خلف ،  لا نجوت إن نجا ، [قلت: أي بلال ، أسيري ، قال: لا نجوت إن نجوا] فقلت تسمع يا ابن السوداء ، فقال: لا نجوت إن نجوا ، ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف ،  لا نجوت إن نجا فأحاطوا بنا [ثم جعلونا في المسكة] وأنا أذب عنه ، فضرب رجل ابنه فوقع ، فصاح أمية صيحة ما سمعت بمثلها قط ، فقلت: انج بنفسك ، فوالله ما أغني عنك شيئا . فضربوهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما . 
فكان عبد الرحمن يقول: رحم الله بلالا ، ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري  . 
أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا  ابن المذهب ،  قال: حدثنا أحمد بن جعفر ،   [ ص: 113 ] قال: أخبرنا  عبد الله بن أحمد ،  قال: حدثني أبي ، قال: أخبرنا أبو نوح قراد ،  قال: أخبرنا  عكرمة بن عمار ،  قال: حدثنا سماك الحنفي أبو زميل ،  قال: حدثني  ابن عباس ،  قال: حدثني  عمر بن الخطاب  قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ، ثم مد يديه يدعو وعليه رداؤه وإزاره ، ثم قال: " [اللهم أين ما وعدتني؟] اللهم أنجز ما وعدتني ،  اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبدا" ، قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه . فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرده ثم التزمه من ورائه ، ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك . وأنزل الله تعالى: إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين  فلما [كان يومئذ و] التقوا ، هزم الله المشركين ، فقتل منهم سبعون رجلا ، وأسر منهم سبعون [رجلا] . 
فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر   وعليا   وعمر   [رضي الله عنهم] ، فقال أبو بكر: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان ، فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية ،  فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار ، وعسى أن يهديهم الله ، فيكونوا لنا عضدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يا ابن الخطاب" ؟ فقلت: والله ما أرى مثل ما رأى أبو بكر ،  ولكني أرى أن تمكنني من فلان - قريب  لعمر   - فأضرب عنقه ، وأرى أن تمكن عليا  من عقيل   [فيضرب عنقه] ، وتمكن حمزة  من فلان ابن أخيه فيضرب عنقه ، حتى يعلم  [ ص: 114 ] الله سبحانه أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فأخذ منهم الفداء ، فلما كان من الغد ، قال عمر: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر و[إذا] هما يبكيان ، قلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "للذي عرض علي أصحابك من الفداء ، لقد عرض علي عذابكم "أدنى من هذه الشجرة" . لشجرة قريبة ، وأنزل الله عز وجل: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض  إلى قوله: لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم  من الفداء ثم أجل الله الغنائم عذاب عظيم   . 
فلما كان يوم أحد  من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر  من أخذهم من الفداء فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله عز وجل: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم   بأخذكم الفداء . انفرد بإخراجه  مسلم   . وفي أفراد  البخاري  من حديث  ابن عباس   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال وهو في قبته يوم بدر: اللهم أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم ، فأخذ أبو بكر بيده ، فقال: حسبك يا رسول الله ، ألححت على ربك وهو ثبت في الدراع ، فخرج وهو يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر   . 
				
						
						
