الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[سرية عبد الله بن جحش الأسدي ]

وفي هذه السنة كانت سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة ، في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة ، بعثه في اثني عشر رجلا من المهاجرين ، كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى بطن نخلة ، وأمره أن يرصد بها عير قريش ، فوردت عليه ، فهابهم أهل العير ، فحلق عكاشة بن محصن رأسه ، فاطمأن القوم ، وقالوا: هم عمار ، وشكوا في ذلك اليوم ، هل هو من الشهر الحرام أم لا؟ ثم قاتلوهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله ، وشد المسلمون عليهم ، [فاستأسر عثمان بن عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان ، وأعجزهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة] ، واستاقوا العير ، [وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا به من الطائف ، فقدموا بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوقفه وحبس الأسيرين ، وكان الذي أسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم وقتل ببئر معونة شهيدا .

وكان سعد بن أبي وقاص زميل عتبة بن غزوان على بعير لعتبة في هذه السرية ، فضل البعير بحران - وهي ناحية معدن بني سليم - فأقاما عليه يومين يبغيانه ، ومضى أصحابهم إلى نخلة فلم يشهدها سعد وعتبة ، وقدما المدينة بعدهم بأيام . [ ص: 92 ]

ويقال: إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم ، وقسم بين أصحابه سائر الغنائم ، فكان أول خمس خمس في الإسلام .

ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم وقف غنائم نخلة حتى رجع من بدر ، فقسمها مع غنائم بدر ، وأعطى كل قوم حقهم .

وفي هذه السرية سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين] .

وقال عروة: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جحش كتابا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ، ويمضي ولا يستكره أحدا من أصحابه ، فلما سار يومين نظر فيه ، فإذا فيه: "وإذا نظرت في كتابي هذا ، فسر حتى تنزل بطن نخلة ، فترصد بها قريشا [وتعلم لنا من أخبارهم] " وأخبر أصحابه ، فمضوا معه ، ولم يتخلف منهم أحد ، فنزل نخلة ، فمرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة [من تجارة قريش] فيها [منهم] عمرو بن الحضرمي ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، وأخوه نوفل ، والحكم بن كيسان ، فتشاور القوم فيهم ، وذلك في آخر يوم من رجب .

وفي رواية عن جندب بن عبد الله قال: لم يدروا ذلك اليوم من رجب أو جمادى الآخرة .

ثم أجمعوا على الإقدام عليهم ، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن [ ص: 93 ] الحضرمي [بسهم] فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم ، وأفلت نوفل ، وقدموا بالأسيرين والعير على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" فسقط في أيديهم ، وعنفهم المسلمون ، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام . فأنزل الله تعالى: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه . الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية