الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها]

ومن الحوادث في هذه السنة: تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وسودة . وكانت عائشة بنت ست سنين حينئذ .

أخبرنا هبة الله بن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن بشير قال: أخبرنا محمد بن عمرو قال: أخبرنا أبو سلمة ويحيى قالا: لما هلكت خديجة رضي الله عنها جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ، ألا تتزوج؟ قال: "من؟" قالت: إن شئت بكرا ، وإن شئت ثيبا .

قال: "من البكر؟" قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك [ عائشة ] بنت أبي بكر . [ ص: 17 ]

قال: "ومن الثيب؟" . قالت: سودة بنت زمعة ، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول .

قال: "فاذهبي فاذكريهما علي" .

فدخلت بيت أبي بكر فقالت: يا أم رومان ، ماذا أدخل الله [عز وجل] عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة .

قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي . فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة .

قال: وهل تصلح له ، إنما هي ابنة أخيه . فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك .

قال: "ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك ، وأنت أخي في الإسلام ، وابنتك تصلح لي" .

فرجعت ، فذكرت ذلك له ، فقال: انتظري . وخرج .

قالت أم رومان : إن مطعم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ، فوالله ما وعد وعدا قط فأخلفه - تعني أبا بكر .

فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الفتى ، فقالت: يا ابن أبي قحافة ، لعلك مصبي صاحبنا ومدخله في دينك الذي أنت عليه أن تزوج إليك . قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أبقول هذه تقول [قال:] إنها تقول ذلك؟ فخرج من عنده وقد أذهب الله عز وجل ما كان في نفسه من عدته التي وعده ، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعته ، فزوجها [إياه وعائشة يومئذ] بنت ست سنين .

ثم خرجت فدخلت على سودة بنت [زمعة وقالت]: ماذا أدخل الله عز وجل عليك من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه .

قالت: وددت ، ادخلي إلى أبي فاذكري ذلك له - وكان شيخا كبيرا قد أدركه السن . [قد تخلف عن الحج] فدخلت عليه ، فحيته بتحية الجاهلية ، فقال: من هذه؟ قالت: خولة بنت حكيم . قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه [ ص: 18 ] سودة . قال: كفؤ كريم ، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحب ذلك . قال: ادعيها لي .

فدعوتها ، فقال: يا بنية ، إن هذه تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك ، وهو كفؤ كريم ، أتحبين أن أزوجكه ؟ قالت: نعم . قال: ادعيه لي . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه .


التالي السابق


الخدمات العلمية