الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم كانت:

غزاة بني النضير في ربيع الأول

وكانت منازلهم بناحية الغرس وما والاها ، وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم السبت ، فصلى في مسجد قباء ، ومعه نفر من أصحابه ، ثم أتى بني النضير ، فكلمهم أن يعينوه في دية رجلين ، كان قد أمنهما ، فقتلهما عمرو بن أمية وهو لا يعلم ، فقالوا: نفعل ، وهموا بالغدر به ، فقال عمرو بن جحاش: أنا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة ، فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا ، والله ليخبرن بما هممتم به ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، فنهض سريعا ، فتوجه إلى المدينة ، فلحقه أصحابه ، فقالوا: أقمت ولم نشعر؟ فقال: "همت يهود بالغدر ، فأخبرني الله عز وجل بذلك فقمت" ، وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني وقد هممتم بما هممتم به ، وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه ، فمكثوا أياما يتجهزون ، وتكاروا من ناس إبلا ، فأرسل إليهم ابن أبي: لا تخرجوا وأقيموا؛ فإن معي ألفين وغيرهم يدخلون حصونكم فيموتون عن آخرهم ، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان ، فطمع حيي فيما قال ابن أبي ، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نخرج ، فاصنع ما بدا لك ، [ ص: 204 ] فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبر المسلمون لتكبيره ، وقال: "حاربتنا اليهود" ، فسار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه ، فصلى العصر بفناء بني النضير ، وعلي رضي الله عنه يحمل رايته ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصونهم معهم النبل والحجارة ، واعتزلهم قريظة ، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقطع نخلهم ، فقالوا: نحن نخرج عن بلادكم ، فأجلاهم عن المدينة ، وولى إخراجهم محمد بن مسلمة ، وحملوا النساء والصبيان ، وتحملوا على ستمائة بعير ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرجوا ولكم دماؤكم ، وما حملت الإبل إلا الحلقة" فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال والحلقة ، فوجد من الحلقة خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا ، وكان بنو النضير صفيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة له حبسا لنوائبه ، ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد ، وقد أعطى ناسا منها .

وفي هذه السنة: ولد الحسين بن علي ، لثلاث ليال خلون من شعبان .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا محمد بن المظفر ، قال: حدثنا أحمد بن علي بن شعيب المدائني ، قال:

أخبرنا أبو بكر البرقي ، قال:

ولد الحسين بن علي رضي الله عنهما في ليال خلون من شعبان من سنة أربع من الهجرة

التالي السابق


الخدمات العلمية