الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في أربع مائة وعشرين فارسا إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة ، وكان أكيدر قد ملكهم وكان نصرانيا ، فانتهى إليه خالد بن الوليد وقد خرج من حصنه في ليلة مقمرة إلى بقر يطاردها هو وأخوه حسان ، فشدت عليه خيل خالد فاستأسر أكيدر ، وامتنع أخوه حسان فقاتل حتى قتل وهرب من كان معه ، فدخل الحصن وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يفتح له دومة الجندل ، ففعل وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح ، فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيا خالصا ، ثم قسم الغنائم ، فأخرج الخمس ثم قسم ما بقي فقدم به وبأخيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقدم أكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدى له هدية وصالحه على الجزية وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما وكتب لهما كتابا فيه أمانهم .

وفي طريق رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من تبوك قال من قال من المنافقين:

إنما كنا نخوض ونلعب .

وروى صالح عن ابن عباس: أن جد بن قيس ، ووديعة بن خدام والجهير بن جمير كانوا يسيرون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك ، فجعل رجلان منهم [ ص: 365 ] يستهزئان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والثالث يضحك مما يقولان ولا يتكلم بشيء ، فنزل جبريل فأخبره بما يستهزءون به ويضحكون منه ، فقال لعمار بن ياسر: "اذهب فسلهم عما كانوا يضحكون منه ، وقل لهم أحرقكم الله" ولما سألهم وقال لهم: أحرقكم الله ، وعلموا أنه قد نزل فيهم قرآن ، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الجهير: والله ما تكلمت بشيء وإنما ضحكت تعجبا من قولهم ، فنزل قوله: لا تعتذروا - يعني جد بن قيس ووديعة - إن نعف عن طائفة منكم - يعني الجهير - نعذب طائفة - يعني الجد ووديعة .

وفي طريق رجوعه من تبوك ، قال: إن بالمدينة أقواما .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال:

أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، قال: حدثنا الحسن بن معروف ، قال: أخبرنا الحسن بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال: حدثنا حميد [الطويل] ، عن أنس ، قال: رجعنا من غزاة تبوك ، فلما دنونا من المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم" ، قالوا: يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟

قال: "نعم حبسهم العذر"


التالي السابق


الخدمات العلمية