ومن الحوادث في هذه السنة كانت غزاة بني قريظة   
وذلك في ذي القعدة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الخندق  جاءه جبريل  عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة؛  فإني عامد إليهم فمزلزل حصونهم . 
أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا  ابن المذهب ،  قال: أخبرنا ابن مالك ،  قال: 
حدثنا  عبد الله بن أحمد ،  قال: حدثني أبي ،  قال: أخبرنا عفان ،  قال: أخبرنا حماد يعني ابن سلمة ،  عن  هشام بن عروة  ، عن  عائشة  رضي الله عنها: 
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الأحزاب دخل المغتسل ليغتسل فجاءه جبريل ،  فقال: أوقد وضعتم السلاح؟! ما وضعنا أسلحتنا بعد؛ انهض إلى بني قريظة ،  قالت  عائشة   : كأني أنظر إلى جبريل  من خلال الباب قد عصب رأسه [من] الغبار  . 
أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن بكر  قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ،  قال: حدثنا محمد بن محمد المطرز ،  قال: أخبرنا بشر بن المعمري ،  عن عبد الرحمن بن القاسم ،  عن أبيه ،  عن  عائشة  ، قالت:  [ ص: 239 ] 
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ،  فبينا هو عندي إذ دق الباب فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووثب وثبة منكرة ، وخرج [النبي صلى الله عليه وسلم] فخرجت في أثره فإذا رجل على دابة والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ على معرفة الدابة يكلمه ، فرجعت فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم قلت: من ذلك الرجل الذي كنت تكلمه؟ قال: ورأيته؟ قلت: نعم ، قال: "ومن تشبهينه" ؟ قلت: 
بدحية بن خليفة الكلبي ،  قال: ذاك جبريل  عليه السلام ، أمرني أن أمضي إلى بني قريظة .  
قال علماء السير : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا  رضي الله عنه ، فدفع إليه لواءه ، وبعث  بلالا  فنادى في الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة ،  واستخلف [رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة  عبد الله] بن أم مكتوم ،  ثم سار في ثلاثة آلاف ، وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا ، وذلك في يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة ، فحاصرهم خمسة عشر يوما ، وقيل: خمسا وعشرين ليلة أشد الحصار ، ورموا بالنبل والحجر ، فلم يطلع منهم أحد . 
فلما اشتد الحصار عليهم أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر ،  فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم ، فأشار إليهم بيده أنه الذبح ، ثم ندم فاسترجع فقال: خنت الله ورسوله ، فانصرف فارتبط في المسجد ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله توبته ، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة  فكتفوا ونحوا ناحية . وأخرج النساء والذرية فكانوا ناحية ، وجمع أمتعتهم فكانوا [ألفا] وخمسمائة سيف ، وثلاثمائة درع ، وألفي رمح ، [وألفا] وخمسمائة ترس وحجفة ، وجمالا كانت نواضح وماشية كثيرة . وكان لهم خمر فأريق ، وكلمت الأوس  رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهبهم لهم ، وكانوا حلفاءهم ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى  سعد بن معاذ ،  فحكم فيهم أن يقتل كل من جرت عليه الموسى ، وتسبى النساء والذراري ، وتقسم الأموال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" .  [ ص: 240 ] 
ونزل ثعلبة  وأسيد  ابنا  شعبة ،  وأسد بن عبيد  ابن عمهم ، فقالوا: إنكم لتعلمون أنه نبي ، وأن صفته عندنا ، فأسلموا ، فدفع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهليهم وأموالهم . 
وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس لتسع خلون من ذي الحجة ، وأمر بهم فأدخلوا المدينة ،  وحفر لهم أخدودا في السوق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أصحابه ، وأخرجوا إليه فضرب أعناقهم ، وكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت عمرو  لنفسه ، فأسلمت وبقيت في ماله حتى توفي عنها ، وأمر بالغنائم فجمعت فأخرج الخمس ، وأمر بالباقي فبيع فيمن يزيد ، وقسمه بين المسلمين وكانت السهمان على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما ، للفرس سهمان ولصاحبه سهم 
				
						
						
