3 - (000) : وثنا قال : حدثني أبو موسى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، قال : سمعت محمد بن عبد الرحمن ، كريبا ، يحدث ، عن ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر عليها " . فذكر الحديث ، وهو أتم من حديث جويرية ، ، وقالا في الخبر : ابن عيينة " سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه . . . . " .
[ ص: 396 ] وقال في كل صفة ثلاث مرات . خرجته في كتاب الدعاء .
قال أبو بكر : فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولي بيان ما أنزل الله (عليه) من وحيه قد أوضح لأمته ، وأبان لهم أن فقال : كلام الله غير خلقه ، " سبحان الله عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " .
ففرق بين خلق الله ، وبين كلماته ، ولو كانت كلمات الله من خلقه لما فرق بينهما .
ألا تسمعه حين ذكر العرش ، الذي هو مخلوق نطق - صلى الله عليه وسلم - بلفظه ، لا تقع على العدد ، فقال : " زنة عرشه " ، والوزن غير العدد ، والله - جل وعلا - قد أعلم في محكم تنزيله أن كلماته لا يعادلها ، ولا يحصيها محص من خلقه .
ودل ذوي الألباب من عباده المؤمنين على كثرة كلماته :
وأن الإحصاء من الخلق لا يأتي عليها ، فقال - عز وجل - : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ، وهذه الآية من الجنس الذي نقول : مجملة غير مفسرة ، معناها : (قل يا محمد ، لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ، فكتبت به كلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد) كلمات ربي ، ولو جئنا بمثله مددا .
والآية المفسرة لهذه الآية : ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ، [ ص: 397 ] فلما ذكر الله الأقلام في هذه الآية ، دل - ذوي العقول - بذكر الأقلام أنه أراد : لو كان ما في الأرض ، من شجرة أقلاما ، يكتب بها كلمات الله ، وكان البحر مدادا فنفد ماء البحر - لو كان مدادا لم تنفد كلمات ربنا .
وفي قوله : ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ، أيضا ذكر مجمل ، فسره بالآية الأخرى ، لم يرد في هذه الآية أن لو كتبت بكثرة هذه الأقلام ، بماء البحر كلمات الله ، وإنما أراد لو كان البحر مدادا ، كما فسره في الآية الأخرى .
وفي قوله - جل وعلا - : لو كان البحر مدادا الآية ، قد أوقع اسم البحر على البحار في هذه الآية ، أي : (على البحار كلها) ، واسم البحر قد يقع على البحار كلها ؛ لقوله : هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك الآية .
وكقوله : والفلك تجري في البحر بأمره ، والعلم محيط ، أنه لم يرد في هاتين بحرا واحدا من البحار ؛ لأن الله يسير من أراد من عباده في البحار .
[ ص: 398 ] وكذلك الفلك ، تجري في البحار بأمر الله ، لا أنها كذا في بحر واحد .
وقوله : ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ، يشبه أن يكون من الجنس الذي يقال : إن السكت ليس خلاف النطق ، لم يدل الله بهذه الآية أن لو زيد من المداد على ماء سبعة أبحر ، لنفدت كلمات الله - جل الله - عن أن تنفد كلماته - .
والدليل على صحة ما تأولت هذه الآية : أن الله - جل وعلا - : قد أعلم في هذه الآية الأخرى ، أن لو جيء بمثل البحر مدادا ، لم تنفد لكلمات الله ، معناه : لو جيء بمثل البحر مدادا ، فكتب به أيضا كلمات الله لم تنفد .
واسم البحر ، كما علمت يقع على البحار كلها ، ولو كان معنى قوله في هذا الموضع قل لو كان البحر مدادا ، بحرا واحدا ، لكان معناه في هذا الموضع ، أنه لو كان به بحر واحد ، لو كان مدادا لكلمات الله ، وجيء بمثله - أي ببحر ثان - لم تنفد كلمات الله .
فلم يكن في هذه الآية دلالة ، أن المداد لو كان أكثر من بحرين ، فكتب [ ص: 399 ] بذلك أجمع كلمات الله ، نفدت كلمات الله ؛ لأن الله قد أعلم في الآية الأخرى : أن السبعة الأبحر لو كتب بهن جميعا كلمات الله ، لم تنفد كلمات الله .