الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8 - (000) : حدثنا محمد ، قال : ثنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بهذا نحو حديثهم .

فاسمعوا يا ذوي الحجا دليلا آخر من كتاب الله : أن الله جلا وعلا - في السماء ، مع الدليل على أن فرعون مع كفره . . . وطغيانه ، قد أعلمه موسى - عليه السلام - بذلك ، وكأنه قد علم أن خالق البشر في السماء .

[ ص: 264 ] ألا تسمع قول الله يحكي عن فرعون ، قوله : يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ، ففرعون - عليه لعنة الله - يأمر ببناء صرح ، فحسب أنه يطلع إلى إله موسى ، وفي قوله : وإني لأظنه كاذبا ، دلالة على أن موسى قد كان أعلمه أن ربه - جل وعلا - أعلى وفوق .

وأحسب أن فرعون إنما قال لقومه : وإني لأظنه كاذبا ، استدراجا منه لهم ، كما خبرنا - جل وعلا - في قوله : وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فأخبر الله تعالى : أن هذه الفرقة جحدت - يريد بألسنتهم - لما استيقنتها قلوبهم ، فشبه أن يكون فرعون إنما قال لقومه : وإني لأظنه كاذبا ، وقلبه : أن كليم الله من الصادقين ، لا من الكاذبين ، والله أعلم ، أكان فرعون مستيقنا بقلبه - على ما أولت أم مكذبا بقلبه ، ظانا أنه غير صادق .

وخليل الله - إبراهيم عليه السلام - عالم في ابتداء النظر إلى الكواكب والقمر والشمس ، أن خالقه عال فوق خلقه ، حين نظر إلى الكواكب والقمر والشمس ، ألا تسمع قوله : هذا ربي ، ولم يطلب معرفة خالقه ، من أسفل ، إنما طلبه من أعلى ، مستيقنا عند نفسه أن ربه في السماء لا في الأرض .

[ ص: 265 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية