الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
(3) : (باب ذكر إثبات وجه الله) :

الذي وصفه بالجلال والإكرام في قوله : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ، ونفى عنه الهلاك ، إذا أهلك الله ما قد قضى عليه الهلاك مما قد خلقه الله للفناء لا للبقاء ، - جل ربنا - ، عن أن يهلك شيء منه مما هو من صفات ذاته ، قال الله - جل وعلا - : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .

وقال : كل شيء هالك إلا وجهه وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، وقال : [ ص: 25 ] ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله .

فأثبت الله لنفسه وجها وصفه بالجلال والإكرام ، وحكم لوجهه بالبقاء ، ونفى الهلاك عنه .

[ ص: 26 ] فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن ، والعراق والشام ومصر ، مذهبنا : أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، نقر بذلك بألسنتنا ، ونصدق ذلك بقلوبنا ، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين ، عز ربنا عن أن يشبه المخلوقين ، وجل ربنا عن مقالة المعطلين ، وعز أن يكون عدما كما قاله المبطلون ، لأن ما لا صفة له عدم ، تعالى الله عما يقول الجهميون الذين ينكرون صفات خالقنا الذي وصف بها نفسه في محكم تنزيله ، وعلى لسان نبيه [ ص: 27 ] محمد - صلى الله عليه وسلم - قال الله - جل ذكره - في سورة الروم : فآت ذا القربى حقه ، إلى قوله : ذلك خير للذين يريدون وجه الله وقال : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله ، وقال : إنما نطعمكم لوجه الله ، وقال : وما لأحد عنده من نعمة تجزى ، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية