الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6958 - (بخ ت ق) : يزيد بن أبان الرقاشي ، أبو عمرو البصري القاص من زهاد أهل البصرة ، وهو عم الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي .

                                                                          روى عن : أبيه أبان الرقاشي ، وأنس بن مالك ( بخ ت ق ) ، والحسن البصري ، وغنيم بن قيس المازني ( ق ) ، وقيس بن عباية أبي نعامة الحنفي ، وأبي الحكم البجلي ( ت ) .

                                                                          [ ص: 65 ] روى عنه : إبراهيم العجلي ، وإسماعيل بن ذكوان ، وإسماعيل بن مسلم المكي ( ق ) ، وأشعث بن سوار ، وثابت بن عجلان ، والحارث بن عبيد بن الطفيل بن تمام التميمي ، وحريث بن السائب ، والحسن البصري وهو من شيوخه ، والحسين بن واقد المروزي ( ت ) ، وحماد بن سلمة ، وحوشب بن عقيل ، وخازم بن الحسين أبو إسحاق الحسني ، ودرست بن زياد البزاز ( ق ) ، والربيع بن صبيح ( ت ق ) ، والرحيل بن معاوية الجعفي ( ت ) ، وسليمان الأعمش ( بخ ق ) وهو من أقرانه ، وسلام بن أبي مطيع ، وصالح بن بشير المري ، وصالح بن عمران البكري ، وصالح بن كيسان وهو أكبر منه ، وصفوان بن سليم وهو من أقرانه ، وضرار بن عمرو الملطي ، وضمضم بن عمرو الحنفي ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان وهو من أقرانه ، وعبد الله بن معقل البصري ( ق ) ، وعبد الخالق بن موسى اللقيطي ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وابنه عبد النور بن يزيد الرقاشي ، وعبيد الصيد ، وعبيس بن ميمون ، وعتبة بن أبي حكيم ، وعكرمة بن عمار اليمامي ، وعمرو بن سعد الفدكي ( ق ) ، وفضالة الشحام ، وابن أخيه الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي ، وقتادة وهو من أقرانه ، وكنانة بن جبلة السلمي الهروي ، ومحمد بن المنكدر وهو من أقرانه ، ومعتمر بن سليمان ، وموسى بن عبيدة الربذي ( ت ) ، وهشام بن حسان ، وهشام بن سلمان المجاشعي ، والهيثم بن جماز ، وواقد بن سلامة ، ويحيى بن كثير أبو النضر ( ق ) ، وأبو رجاء الجروي .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من أهل البصرة ،

                                                                          [ ص: 66 ] وقال : كان ضعيفا قدريا .

                                                                          وذكره خليفة بن خياط في الطبقة الخامسة .

                                                                          وقال عمرو بن علي : كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه .

                                                                          وقال في موضع آخر : سمعت عبد الرحمن يحدث عن الربيع بن صبيح عنه ، وكان رجلا صالحا ، وقد روى الناس عنه ، وليس بالقوي في الحديث .

                                                                          وقال محمد بن المثنى : قد حدث عبد الرحمن عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي .

                                                                          وقال البخاري : تكلم فيه شعبة .

                                                                          وقال إسحاق بن راهويه ، عن النضر بن شميل : قال شعبة : لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثني عبد العزيز بن سلام ، قال : حدثنا رافع أو نافع ، قال : أخبرني عبد الله بن إدريس ، قال : سمعت شعبة يقول : لأن يفعل [ ص: 67 ] الرجل بزنا خير له من أن يروي عن أبان ويزيد الرقاشي .

                                                                          وقال الحسن بن عثمان التستري ، عن سلمة بن شبيب : سمعت يزيد بن هارون يقول : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحب إلي من أحدث عن يزيد الرقاشي .

                                                                          قال يزيد بن هارون : ما كان أهون عليه الزنا ، قال سلمة : فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل فقال : إنما بلغنا هذا في أبان بن عياش .

                                                                          وقال أبو جعفر العقيلي ، عن أبي يحيى زكريا بن يحيى الحلواني : سمعت سلمة بن شبيب يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي .

                                                                          قال سلمة : فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل ، فقال : كان بلغنا أنه قال هذا في أبان .

                                                                          قال أبو يحيى : وكان أبو داود سليمان بن الأشعث صاحب أحمد بن حنبل معنا في مجلس سلمة ، فقال أبو داود : قاله فيهما جميعا .

                                                                          وقال أبو طالب : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا يكتب حديث يزيد الرقاشي .

                                                                          قلت له : فلم ترك حديثه لهوى كان فيه ؟ قال : لا ، ولكن كان منكر الحديث .

                                                                          وقال : شعبة يحمل عليه ، وكان قاصا .

                                                                          [ ص: 68 ] وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : هو فوق أبان بن أبي عياش ، وكان يضعف .

                                                                          وقال في موضع آخر : وكان شعبة يشبهه بأبان .

                                                                          وقال معاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين : ضعيف .

                                                                          وقال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : هو خير من أبان بن أبي عياش .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين : رجل صالح وليس حديثه بشيء .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ميمون بن سياه ، وزياد الرقاشي ، وزياد النميري كلهم ضعفاء .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن يزيد الرقاشي ، فقال : رجل صالح . وسمعت يحيى بن معين ذكره ، فقال : رجل صدق .

                                                                          [ ص: 69 ] وقال يعقوب بن سفيان : فيه ضعف .

                                                                          وقال أبو حاتم : كان واعظا بكاء ، كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر ، صاحب عبادة ، وفي حديثه ضعف .

                                                                          وقال النسائي ، والحاكم أبو أحمد : متروك الحديث .

                                                                          وقال النسائي في موضع آخر : والدارقطني ، والبرقاني : ضعيف .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : له أحاديث صالحة عن أنس وغيره ، وأرجو أنه لا بأس به لرواية الثقات عنه من البصريين والكوفيين وغيرهم .

                                                                          وقال الحسن بن علي الخلال ، عن المعتمر بن سليمان : قال يزيد الرقاشي : إذا نمت ثم استيقظت فلا نامت عيناي ، وعلى الماء البارد السلام بالنهار .

                                                                          [ ص: 70 ] وقال سعيد بن عامر : حدثنا سلام بن أبي مطيع عن يزيد الرقاشي ، قال : إذا نمت من الليل فاستيقظت فنمت الثانية فلا أنام الله عيني .

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن سورة بن قدامة : حدثنا حبان بن الأسود ، عن عبد الخالق بن موسى اللقيطي ، قال : جوع يزيد نفسه لله ستين عاما حتى ذبل جسمه ونهك بدنه ، وتغير لونه ، وكان يقول : غلبني بطني فما أقدر له على حيلة !

                                                                          وقال مثنى بن معاذ العنبري ، عن الهيثم بن عبيد الصيد : قال : حج أبي ، ويزيد الرقاشي فعاد له إلى مكة ، فقال أبي : ربما ركبت أنا وهو في المحمل من أول الليل إذا صلينا العتمة فيمر بالجبل فيقول : يا جبل تصير هباء منثورا ، وتصير كذا وتصير كذا ، ويبقى على يزيد الحساب ، قال : ثم يبكي فما أفقد بكاءه حتى يطلع الفجر .

                                                                          وقال محمد بن كثير الصنعاني ، عن أبي رجاء الجزري : قال يزيد الرقاشي : رأيت في نومي كأني قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة ، فلما فرغت قال لي أو قيل لي : هذه القراءة ، فأين البكاء ؟ قال : وكان يزيد من البكائين .

                                                                          وقال سعيد بن عامر ، عن سلام بن أبي مطيع : قال يزيد الرقاشي لجلسائه : يا إخوتاه تعالوا حتى نبكي على الماء البارد .

                                                                          قال : وكان قد عطش نفسه قبل ذلك أربعين عاما ، لا يفطر فيها إلا خمسة أيام كان يرويها عن أنس بن مالك .

                                                                          [ ص: 71 ] وقال السري بن عاصم ، عن محمد بن صبيح ابن السماك : حدثنا الهيثم بن جماز ، قال : دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد حره وهو يبكي وقد عطش نفسه أربعين سنة ، فقال لي : ادخل يا هيثم ، تعال نبكي على الماء البارد في اليوم الحار ، حدثني أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل من ورد القيامة عطشان " .

                                                                          وقال أبو داود الحفري ، عن محمد ابن السماك ، عن أشعث بن سوار : دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد الحر ، فقال : يا أشعث تعال حتى نبكي على الماء البارد يوم الظمأ ثم قال : والهفاه سبقني العابدون وقطع بي .

                                                                          قال : وقد كان صام ثلاثين أو أربعين سنة .

                                                                          وقال محمد بن عمران الأخنسي ، عن جابر بن نوح : حدثنا الأعمش أن يزيد الرقاشي كان ينوح على نفسه وهو يقول : يا يزيد إذا مت من يتصدق عنك يا يزيد ؟ إذا مت من يصوم عنك ؟ ثم يقول : وايزيداه إنما سمي نوح لأنه ناح على نفسه ، ويزيد لا ينوح على نفسه ؟ !

                                                                          وقال محمد بن عبد الله الرقاشي ، عن معتمر بن سليمان : قال يزيد الرقاشي : أتروني أتهنأ بالحياة أيام الدنيا وأنا أعلم أن الموت مصيري ؟ قال : وقد كان يبكي حتى تساقطت أشفاره .

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن زهدم بن الحارث : [ ص: 72 ] حدثنا عبد الله بن رجاء ، عن هشام بن حسان ، قال : بكى يزيد الرقاشي أربعين عاما حتى تساقطت أشفاره ، وأظلمت عيناه ، وتغيرت مجاري دموعه .

                                                                          وعن عبيد الله بن محمد العيشي ، قال : حدثنا إسماعيل بن ذكوان ، قال : كان يزيد الرقاشي إن دخل بيته بكى ، وإن جلس إليه إخوانه بكى وأبكاهم ، فقال له ابنه يوما : كم تبكي يا أبة ، والله لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا البكاء ، فقال : ثكلتك أمك يا بني وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن ، أما تقرأ يا بني ( سنفرغ لكم أيه الثقلان ) ، أما تقرأ يا بني ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) فجعل يقرأ عليه حتى انتهى ، يعني إلى قوله ( يطوفون بينها وبين حميم آن ) فجعل يجول في الدار ويصرخ ويبكي حتى غشي عليه ، فقالت للفتى أمه : يا بني ما أردت بذا من أبيك ؟ قال : إني والله إنما أردت أن أهون عليه ، لم أرد أن أزيده حتى يقتل نفسه .

                                                                          وعن مجالد بن عبيد الله الباهلي ، قال : حدثني عبد النور بن يزيد بن أبان ، قال : كان أبي يبكي ويقول لأصحابه : ابكو اليوم قبل الداهية الكبرى ، ابكوا اليوم قبل أن تبكوا غدا ، ابكوا اليوم قبل أن لا يغني البكاء ، ابكوا على التفريط أيام الدنيا ، قال : ثم يبكي حتى يرفع صريعا من مجلسه .

                                                                          [ ص: 73 ] وعن خالد بن يزيد القرني ، قال : حدثنا فضالة الشحام ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقول في كلامه : أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش وأمنوا من الأسقام ، فهنيئا لهم في جوار الله طول المقام ، قال : ثم يبكي حتى يبل لحيته بالدموع .

                                                                          وعن أبي عمر الضرير ، قال : حدثنا صالح المري ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقرأ هذه الآية على أصحابه ويبكي ( كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق ) قال : يقول الملائكة بعضهم لبعض : من أي باب يرتقي بعمله ، فيرتقي فيه بروحه ، ويقول أهله : هذا والله حين فراقه ، فيبكي إليهم ويبكون إليه ، ولا يستطيع أن يحير إليهم جوابا ، قال : ثم بكى يزيد بكاء شديدا ، وكان يزيد قد بكى حتى تناثرت أشفار عينيه .

                                                                          وعن إسحاق بن منصور السلولي ، قال : سمعت محمد بن صبيح يقول : كان يزيد الرقاشي يقول في كلامه : أيها المتفرد في حفرته ، المتخلي في القبر بوحدته ، المستأنس في بطن الأرض بأعماله ، ليت شعري بأي أعمالك استبشرت ، وبأي إخوانك اغتبطت ؟ قال : ثم يبكي حتى تبتل عمامته ويقول : استبشر والله بأعماله الصالحة ، واغتبط والله بإخوانه المتعاونين على طاعة الله .

                                                                          وعن أبي معمر التنوري ، قال : حدثني ربيع أبو محمد ، قال : كان يزيد الرقاشي يبكي حتى يسقط ثم يفيق ، ثم يسقط ، فيحمل مغشيا عليه إلى أهله ، وكان يقول في كلامه : إخوتي ابكوا [ ص: 74 ] قبل يوم البكاء ، ونوحوا قبل يوم النياحة ، وتوبوا قبل انقطاع التوبة ، إنما سمي نوحا لأنه كان نواحا ، فنوحوا يا معشر الكهول والشبان على أنفسكم ، وكان يتكلم والدموع جارية على لحيته وخديه .

                                                                          وعن موسى بن هلال ، قال : حدثنا صالح بن عمران البكري ، قال : سمعت يزيد الرقاشي يقول : إن الميت إذا وضع في قبره احتوشته أعماله ثم أنطقها الله ، فقالت : أيها العبد المنفرد في حفرته انقطع عنك الأخلاء والأهلون فلا أنيس لك اليوم غيرنا .

                                                                          قال : ثم يبكي يزيد ويقول : فطوبى لمن كان أنيسه صالحا ، والويل لمن كان أنيسه عليه وبالا .

                                                                          وعن أبي محمد علي بن الحسن ، قال : قيل لابن يزيد الرقاشي : كان أبوك يتمثل من الشعر شيئا قال : كان يتمثل :


                                                                          إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل



                                                                          إلى هنا عن محمد بن الحسين البرجلاني عن شيوخه .

                                                                          وقال الأصمعي ، عن عبد الله بن عمر النميري : سمعت يزيد الرقاشي ، وتمنى قوم عنده أماني ، فقال يزيد : أتمنى كما تمنيتم ، قالوا : تمنه ، فقال يزيد : ليتنا لم نخلق ، وليتنا إذ خلقنا لم نمت ، وليتنا إذ متنا لم نحاسب ، وليتنا إن حوسبنا لم نعذب ، وليتنا إن عذبنا لا نخلد .

                                                                          وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن أبي عبد الله أحمد بن نصر المروزي : حدثنا سلمة أبو صالح ، قال : حدثني كنانة بن جبلة السلمي ، قال : قال يزيد الرقاشي : انظروا إلى هذه القبور ، [ ص: 75 ] سطورا بأفناء الدور ، تدانوا في خططهم ، وقربوا في مزارهم ، وبعدوا في لقائهم سكنوا فأوحشوا ، وعمروا فأخربوا ، فمن سمع بساكن موحش وعامر مخرب غير أهل القبور ؟

                                                                          وعن كنانة بن جبلة قال : قال يزيد الرقاشي : خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها فإن الله تعالى يقول : ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) ، ألا تحمد من تعطيه فانيا فيعطيك باقيا ، درهما يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف ، أما لله مكافأة مطعمك ومسقيك وكافيك ، حفظك في ليلك ونهارك ، وأجابك في ضرائك ، كأنك نسيت ليلة وجع الأذن ، وليلة وجع العين ، أو خوفا في بر ، أو خوفا في بحر ، دعوته فاستجاب لك ، إنما أنت لص من لصوص الذنوب ، كلما عرض لك ( عارض ) عانقته ، إن سرك أن تنظر إلى الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها ، فهلم أخبرك ، إن تشيع جنازة فهي الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها ، ثم احتمل القبر بما فيه ، أما إني لست آمرك أن تحتمل تربته ولكن آمرك أن تحتمل فكرته .

                                                                          وقال أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن الأصمعي : قال يزيد الرقاشي : خمس يفتحن من خمس : الحرص من القراء ، والعجلة من الأمراء ، والفحش من ذوي السرف ، والبخل من ذوي الأموال ، والفتوة من ذوي الأسنان .

                                                                          [ ص: 76 ] وقال أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري : سمعت أبا عمرو بن مطر يقول : سمعت أبا القاسم المذكر يقول : دخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبد العزيز ، فقال له : عظني فقال : أنت أول خليفة يموت يا أمير المؤمنين ، قال : زدني ، قال : لم يبق أحد من آبائك من لدن آدم إلى أن بلغت النوبة إليك إلا وقد ذاق الموت ، قال : زدني ، قال : ليس بين الجنة والنار منزل ، والله يقول : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) وأنت أبصر ببرك وفجورك ، قال : فبكى عمر حتى سقط عن سريره .

                                                                          وقال زيد بن الحباب ، عن حوشب بن عقيل : سمعت يزيد الرقاشي يقول لما حضره الموت : ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) ألا إن الأعمال محضرة والأجور مكملة ، ولكل ساع ما سعى ، وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت ، ثم بكى وقال : يا من القبر مسكنه ، وبين يدي الله موقفه ، والنار غدا مورده ، ماذا قدمت لنفسك ؟ ماذا أعددت لمصرعك ؟ ماذا أعددت لوقوفك بين يدي ربك ؟

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن الصلت بن حكيم : حدثنا درست القزاز ، قال لما احتضر يزيد الرقاشي بكى ، فقيل له : ما يبكيك رحمك الله ؟ قال : أبكي والله على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار ، قال : ثم بكى ، وقال : من يصلي لك يا يزيد ، ومن يصوم ، ومن يتقرب لك إلى الله بالأعمال بعدك [ ص: 77 ] ومن يتوب لك إليه من الذنوب ؟ ويحكم يا إخوتاه لا تغتروا بشبابكم ، وكان قد حل بكم ما قد حل بي من عظيم الأمر وشدة كرب الموت ، النجاة النجاة ، الحذر الحذر ، يا إخوتاه المبادرة رحمكم الله .

                                                                          روى له البخاري في " الأدب " ، والترمذي ، وابن ماجه .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية