1178  - أخبرني علي بن أبي علي البصري ،  أنا محمد بن عبد الله بن محمد بن همام الشيباني ،  حدثني أحمد بن محمد الخوارزمي ،  بأرمية ،  نا  أبو حاتم الرازي ،  نا  أحمد بن أبي الحواري ،  قال : حدثني أبو حفص الماعوني ،  عن  عبد الله بن لهيعة ،  قال :  " كتب  ابن عباس  إلى علي  يستحثه فكتب إليه علي  مجيبا : " إنه ينبغي لك أن يكون أول عملك بما أنت فيه ، البصر بهداية الطريق ، ولا تستوحش لقلة أهلها ، فإن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ، ولم يك من المشركين ، لم يستوحش مع الله في طريق الهداية إذ قل أهلها ، ولم يأنس بغير الله " .  
وليس بمنكر أن يذكر المفتي في فتواه الحجة عنده ، فيما أفتى به ، كأن فقيها سئل عن من تزوج امرأة بلا ولي ، فحسن أن يقول :  [ ص: 406 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لا نكاح إلا بولي " أو سئل عمن : اشترى عبدا وله مال لم يشترطه ، فحسن أن يقول : ماله للبائع ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من ابتاع عبدا فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " ، وكرجل سئل عمن طلق امرأته واحدة بعد الدخول بها أله رجعتها ؟ فحسن أن يقول : نعم ، قال الله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك   ) وهكذا : إذا سئل عن الوصية للوارث ، وعن الجمع بين المرأة وعمتها ، أو بينها وبين خالتها . 
ولم تجر العادة أن يذكر في الفتوى طريق الاجتهاد ، ولا وجه القياس والاستدلال ، اللهم إلا أن تكون الفتوى تتعلق بنظر قاض أو حاكم فيومئ فيها إلى طريق الاجتهاد ، ويلوح بالنكتة التي عليها رد الجواب ، أو يكون غيره قد أفتى فيها بفتوى غلط فيما عنده ، فيلوح للمفتي معه ليقيم عذره في مخالفته ، أو لينبه على ما ذهب إليه . 
 [ ص: 407 ] فأما من أفتى عاميا ، فلا يتعرض لشيء من ذلك ، ولكن ربما اضطر المفتي في فتواه إلى أن يقول (وهذا إجماع المسلمين) ، أو يقول : لا أعلم اختلافا في هذا ، أو يقول : من خالف هذا الجواب فقد فارق الواجب وعدل عن الصواب ، أو يقول : فقد أثم ، وواجب على السلطان إلزام الأخذ بجوابنا أو بهذه الفتوى ، وما قارب هذه الألفاظ على حسب السؤال وما توجبه المصلحة وتقتضيه الحال . 
وإذا رأى المفتي من المصلحة عندما تسأله عامة أو سوقة أن يفتي بما له فيه تأول ، وإن كان لا يعتقد ذلك ، بل لردع السائل ، وكفه ، فعل ، فقد روي عن ابن عباس أن رجلا سأله عن توبة القاتل ، فقال : لا توبة له ، وسأله آخر فقال : له توبة ، ثم قال : " أما الأول : فرأيت في عينيه إرادة القتل فمنعته ، وأما الثاني : فجاء مستكينا ، وقد قتل فلم أويسه " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					