الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1142 - أنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي ، والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ، قالا : أنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : أخبرني أبو عثمان الخوارزمي ، - نزيل مكة - فيما كتب إلي ، قال : نا أبو أيوب حميد بن أحمد البصري ، قال : قال أحمد بن حنبل : " قلت للشافعي : ما تقول في مسألة كذا وكذا ؟ قال : فأجاب فيها ، فقلت : من أين قلت ؟ هل فيه حديث أو كتاب ؟ قال : بلى ، فنزع في ذلك حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو حديث : نص " .

وليس ينبغي للعامي أن يطالب المفتي بالحجة فيما أجابه به ، ولا يقول لم ولا كيف ، قال الله سبحانه وتعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [ ص: 383 ] وفرق تبارك وتعالى بين العامة وبين أهل العلم فقال : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) فإن أحب أن تسكن نفسه بسماع الحجة في ذلك ، سأل عنها في زمان آخر ومجلس ثان أو بعد قبول الفتوى من المفتي مجردة ، وإذا رفع السائل مسألته في رقعة ، فينبغي أن تكون الرقعة واسعة ليتمكن المفتي من شرح الجواب فيها ، فربما اختصر ذلك لضيق البياض ، فأضر بالسائل .

فإن أراد الاقتصار على جواب المسئول وحده ، قال له في الرقعة : ما تقول رضي الله عنك ، أو رحمك الله أو وفقك الله ؟ ولا يحسن في هذا : ما تقول ؟ رحمنا الله وإياك ، بل لو قال : ما تقول رحمك الله ورحم والديك ؟ كان أحسن .

وإن أراد مسألة جماعة من الفقهاء ، قال : ما تقولون رضي الله عنكم ؟ أو ما يقول الفقهاء سددهم الله في كذا ؟ ولا ينبغي أن يقول : أفتونا في كذا ، ولا : ليفت الفقهاء في كذا ، فإن قال : ما الجواب ؟ أو ما الفتوى في كذا ؟ كان قريبا .

وحكي أن فتوى وردت من السلطان إلى أبي جعفر : محمد بن جرير الطبري لم يكتب له الدعاء فيها ، فكتب الجواب في أسفلها : لا يجوز ، أو كتب : يجوز ولم يزد على ذلك ، فلما عادت الرقعة إلى السلطان ، ووقف عليها ، علم أن ذلك كان من أبي جعفر الطبري ، للتقصير في الخطاب الذي خوطب به ، فاعتذر إليه .

[ ص: 384 ] وأول ما يجب في ذلك أن يكون كاتب الاستفتاء ضابطا ، يضع سؤاله على الغرض مع إبانة الخط ، ونقط ما أشكل ، وشكل ما اشتبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية