الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
759 - أنا أبو سعيد : محمد بن موسى الصيرفي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا الربيع بن سليمان ، نا أيوب بن سويد ، نا الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عباس : أن رجلا ، أصابه جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، - يعني : فاحتلم - فأمر بالاغتسال ، فاغتسل فمات ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قتلوه قتلهم الله ، إن شفاء العي السؤال " .

قال عطاء : فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سئل بعد ذلك ، فقال [ ص: 134 ] : " لو غسل جسده ، وترك رأسه حيث أصابه يعني : الجرح " .

ولأنه ليس من أهل الاجتهاد فكان فرضه التقليد ، كتقليد الأعمى في القبلة ، فإنه لما لم يكن معه آلة الاجتهاد في القبلة ، كان عليه تقليد البصير فيها .

وحكي عن بعض المعتزلة ، أنه قال : لا يجوز للعامي العمل بقول العالم حتى يعرف علة الحكم ، وإذا سأل العالم فإنما يسأله أن يعرفه طريق الحكم ، فإذا عرفه وقف عليه وعمل به . وهذا غلط ، لأنه لا سبيل للعامي إلى الوقوف على ذلك ، إلا بعد [ ص: 135 ] أن يتفقه سنين كثيرة ، ويخالط الفقهاء المدة الطويلة ، ويتحقق طرق القياس ، ويعلم ما يصححه ويفسده وما يجب تقديمه على غيره من الأدلة ، وفي تكليف العامة بذلك تكليف ما لا يطيقونه ، ولا سبيل لهم إليه .

وأما العالم : هل يجوز أن يقلد غيره ؟ ؟

ينظر فيه .

فإن كان الوقت واسعا عليه ، يمكنه فيه الاجتهاد ، لم يجز له التقليد ، ولزمه طلب الحكم بالاجتهاد .

ومن الناس من قال : يجوز له تقليد العالم ، وحكي ذلك عن سفيان الثوري :

التالي السابق


الخدمات العلمية