الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
722 - أنا القاضي أبو عبد الله الصيمري ، أنا عمر بن إبراهيم المقرئ ، نا مكرم بن أحمد ، نا أحمد بن محمد يعني الحماني ، نا الفضل بن غانم ، قال : " كان أبو يوسف مريضا شديد المرض ، فعاده أبو حنيفة مرارا ، فصار إليه آخر مرة ، فرآه ثقيلا ، فاسترجع ثم قال : " لقد كنت أؤملك بعدي للمسلمين ، ولئن أصيب الناس بك ، ليموتن معك علم كثير " .

ثم رزق العافية " ، وخرج من العلة ، فأخبر أبو يوسف بقول أبي حنيفة فيه ، فارتفعت نفسه ، وانصرفت وجوه الناس إليه ، فعقد لنفسه مجلسا في الفقه ، وقصر عن لزوم مجلس أبي حنيفة ، فسأل عنه ، فأخبر أنه قد عقد لنفسه مجلسا ، وأنه بلغه كلامك فيه ، فدعى رجلا كان له عنده قدر ، فقال : " صر إلى مجلس يعقوب ، فقل له : ما تقول [ ص: 79 ] في رجل دفع إلى قصار ثوبا ليقصره بدرهم ، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب ، فقال له القصار : ما لك عندي شيء ، وأنكره ثم إن رب الثوب رجع إليه ، فدفع إليه الثوب مقصورا ، أله أجرة ؟ ؟

فإن قال : له أجرة ، فقل : أخطأت وإن قال : لا أجرة له فقل أخطأت " فصار إليه فسأله ، فقال أبو يوسف : له الأجرة ، فقال : أخطأت ، فنظر ساعة ، ثم قال : لا أجرة له فقال : أخطأت ، فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة ، فقال له :

" ما جاء بك إلا مسألة القصار ؟ "

قال أجل ، قال :

" سبحان الله من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم في دين الله وهذا قدره ، لا يحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات .

فقال : يا أبا حنيفة ، علمني : فقال :

إن كان قصره بعد ما غصبه فلا أجرة ، لأنه قصره لنفسه ، وإن كان قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة ؛ لأنه قصره لصاحبه .

ثم قال : " من ظن أنه يستغني عن التعليم ، فليبك على نفسه " .

[ ص: 80 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية