[ ص: 29 ] ثم دخلت سنة إحدى وأربعين ومائة
فمن الحوادث فيها:
قدوم المنصور من الحج إلى المدينة ، ثم إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، ثم انحدر إلى الرقة ، وقتل بها منصور بن جعونة ، لأن المنصور قال: احمدوا الله يا أهل الشام ، فقد رفع عنكم بولايتنا الطاعون . فقال منصور: الله أكرم من أن يجمعك علينا والطاعون .
ثم انحدر من الشام إلى شط الفرات حتى نزل الهاشمية بالكوفة .
وفيها: كان خروج الراوندية:
وهم قوم من أهل خراسان كانوا على رأي أبي مسلم ، إلا أنهم يقولون بتناسخ الأرواح ، ويدعون أن روح آدم عليه السلام في عثمان بن نهيك ، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور ، وأن الهيثم بن معاوية جبرائيل .
وهؤلاء طائفة من الباطنية يسمون السبعية يقولون: الأرضون سبع ، والسموات سبع ، والأسبوع سبعة ، يدل على أن دور الأئمة يتم بسبعة . فعدوا: العباس ، ثم ابنه عبد الله ، ثم ابنه علي ، ثم محمد بن علي ، ثم إبراهيم ، ثم السفاح ، [ ص: 30 ] ثم المنصور ، فقالوا: هو السابع . وكانوا يطوفون حول قصر المنصور ويقولون: هذا قصر ربنا .
فأرسل المنصور فحبس منهم مائتين - وكانوا ستمائة - فغضب أصحابهم الباقون ودخلوا السجن ، فأخرجوهم وقصدوا نحو المنصور ، فتنادى الناس ، وغلقت أبواب المدينة ، وخرج المنصور ماشيا ولم يكن عنده دابة ، فمن ذلك الوقت ارتبط فرسا ، فسمي: فرس النوبة ، يكون معه في قصره - فأتي بدابة فركبها ، وجاء معن بن زائدة فرمى بنفسه وقال: أنشدك الله يا أمير المؤمنين إلا رجعت ، فإني أخاف عليك . فلم يقبل وخرج ، فاجتمع إليه الناس ، وجاء عثمان بن نهيك فكلمهم ، فرموه بنشابة وكانت سبب هلاكه ، ثم حمل الناس عليهم فقتلوهم ، وكان ذلك في المدينة الهاشمية بالكوفة في سنة إحدى وأربعين .
وقد زعم بعضهم أن ذلك كان في سنة ست وأربعين أو سبع وأربعين ومائة .


