الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة: جدد المنصور البيعة لنفسه ولابنه المهدي من بعده ، ولعيسى بن موسى من بعد المهدي على أهل بيته في مجلسه في يوم جمعة ، قد عمهم الإذن فيه ، فكان كل من بايعه منهم يقبل يده ويد المهدي ، ثم يمسح على يد عيسى بن موسى ، ولا يقبل يده .

وفي هذه السنة: غزا الصائفة عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد .

وفيها: شخص عقبة بن سلم من البصرة واستخلف عليها ابنه نافع بن عقبة على البحرين ، فقتل سليمان بن حكيم العبدي وسبى أهل البحرين ، وبعث ببعض من سبى منهم إلى أبي جعفر ، فقتل منهم عدة ، ووهب بقيتهم للمهدي ، فمن عليهم وأعتقهم ، وكسا كل إنسان منهم ثوبين مرويين ، ثم عزل عقبة عن البصرة .

وفيها: ولى أبو جعفر معن بن زائدة سجستان ، وحميد بن قحطبة خراسان ، وقد كان المنصور طلب معنا ليهلكه ثم أمنه وولاه .

أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز قال: أنبأنا علي بن أبي علي البصري ، عن أبيه قال: أخبرنا أبو الفرج بن علي بن الحسين القرشي قال: أخبرني حبيب بن نصر المهلبي ، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثنا محمد بن نعيم البلخي قال: حدث مروان بن أبي حفصة قال: كان المنصور قد طلب معن بن زائدة الشيباني طلبا شديدا ، وجعل فيه مالا ، فحدثني معن باليمن أنه اضطر لشدة الطلب حتى قام في الشمس حتى لوحت وجهه ، وخفف عارضه ولحيته ، ولبس جبة صوف غليظة ، وركب حملا من حمال النقالة ، وخرج ليمضي إلى البادية ، وقد كان أبلى في حرب بين يدي عمر بن هبيرة بلاء عظيما ، فغاظ المنصور في طلبه قال معن: فلما خرجت من باب حرب تبعني أسود متقلد سيفا حتى إذا غبت عن الحرس قبض على خطام الجمل فأناخه ، وقبض علي ، فقلت: ما لك؟ فقال: [ ص: 150 ]

أنت طلبة أمير المؤمنين ، فقلت: ومن أنا حتى يطلبني أمير المؤمنين ، فقال: أنت معن بن زائدة ، فقلت: يا هذا اتق الله ، وأين أنا من معن بن زائدة ، فقال: دع ذا عنك فأنا والله أعرف بك من نفسك ، فقلت له: إن كان كما تقول فهذا جوهر حملته معي بأضعاف ما بذله المنصور لمن جاء بي ، فخذه ولا تسفك دمي ، قال: هاته ، فأخرجته إليه فنظر إليه ساعة وقال: صدقت في قيمته ولست نائله حتى أسألك عن شيء ، فإن صدقتني أطلقتك ، قلت: قل ، قال: فإن الناس قد وصفوك بالجود ، فأخبرني هل وهبت قط مالك كله ، قلت: لا ، قال: فنصفه ، قلت: لا ، قال: فثلثه قلت: لا ، حتى بلغ العشر فاستحييت ، فقلت: أظن أني قد فعلت ذلك ، قال: ما أراك فعلته أنا والله رجل راجل رزقي مع أبي جعفر عشرون درهما ، وهذا الجوهر قيمته آلاف دنانير ، وقد وهبته لك ووهبتك نفسك لجودك المأثور بين الناس ، ولتحتقر بعد هذا كل شيء تفعله ولا تتوقف في مكرمة ، ثم رمى بالعقد في حجري وخلى خطام البعير وانصرف ، فقلت: يا هذا ، قد والله فضحتني ، ولسفك دمي أهون علي مما فعلته ، فخذ ما دفعته إليك فإني غني عنه ، فضحك وقال: أردت أن تكذبني في مقامي هذا ، والله لا آخذه ولا أتخذ لمعروف ثمنا أبدا ، ومضى ، فوالله لقد طلبته بعد أن أمنت وبذلت لمن جاءني به ما شاء ، فما عرفت له خبرا .

وفيها: حج بالناس محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وكان هو العامل على مكة والطائف ، وكان على المدينة الحسن بن زيد ، وعلى الكوفة محمد بن سليمان ، وعلى البصرة جابر بن توبة الكلابي ، وعلى قضائها سوار بن عبد الله ، وعلى مصر يزيد بن حاتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية